Translate

lunes, 15 de septiembre de 2014

خطبة الجمعة 20



الدعوة عمل وليست مجرد تنظير :

في خطبة الجمعة لهذا الأسبوع والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تناول فضيلة السيد العربي البقالي الحَسَني خطيب المركز ورئيسه بالدرس والتحليل موضوع : الدعوة عمل وليست مجرد تنظير، انطلاقاً من قول الله عز وجل : ﴿ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ﴾. طه. 132.

ذالك وبعد حمد الله والثناء عليه بما بليق بجلال وجهه، والصلاة على النبي الأكرم وآله الأطهار عليهم السلام جميعاً، وتذكير الحاضرين بضرورة تقوى الله، باعتبار أن التقوى مفتاح التعلم في شتى المجالات، ﴿ واتقوا الله ويعلمكم الله ﴾. البقرة. 282. انطلق فضيلته في الخطبة الأولى، حيث استهلها بمقدمة تطرق فيها الى اعتبار كون كل الوافدين على المركز يجب أن يعوا بأنهم رسل المركز لدى أسرهم ومحيطهم، وعلى عاتقهم تقع مهمة تبليغ ما نصطلح عليه بالخط الثقافي للمركز الى الأسر والمحيط، إذ أننا في المركز لا ننطلق في عملنا من موقع الصدفة، وإنما نشتغل في إطار مشروع مجتمعي، وهذا المشروع له استراتيجية محددة، واستراتيجيته تكمن في أن يصبح الإسلام المحمدي الأصيل رافداً من روافد هذا المجتمع، يدافع عنه المجتمع ويتبناه كتبنيه لباقي الروافد الأخرى وإن لم يعتنقه، ولأداء هذه الرسالة على أتم وجه، يجب الاشتغال ضمن منهج محدد، ولعل أفضل منهج في هذا السياق، هو المنهج العملي، أي أن نكون رسلا عمليين، أن نمارس الدعوة بأعمالنا وليس بأقوالنا، أن نتلبس بما ندعوا الناس اليه قبل غيرنا، أن نعكس على أرض الواقع ذالك التوافق القائم نظرياً ما بين قيم الاسلام التي نحمل وقيم المجتمع، تطبيقاً للتعليمات الواردة في الآية التي بين أيدينا، وسيراً على الهدي النبوي وهدي العترة الطاهرة، لأن الدعوة العملية هي أكثر مصداقية من الدعوة القولية، وهي أكثر تأثيراً في المحيط

ولقد كان هذا المنهج توجيهاً قرآنياً، وعليه سار الأنبياء والرسل والأئمة عليهم السلام جميعاً، إذ أنهم كانوا يبدؤون بأنفسهم وبيتهم قبل غيرهم، فكانوا يتمثلون ما يدعون اليه من تعاليم في سلوكهم وتصرفاتهم... قبل الآخرين، ذالك لأن المنهج العملي في الدعوة هو أقرب الى النجاح من كثرة الكلام والتنظير، ﴿ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً ﴾. مريم. 54. 55.

وهو نفس الأمر الذي سلكه الأئمة عليهم السلام وأوصوا به أتباعهم، إذ أننا نجد أن الامام جعفر الصادق عليه السلام يوصي بذالك قائلا : « كونوا دعاة الناس بأعمالكم ولا تكونوا دعاة بألسنتكم ». ولقد كانوا سلام الله عليهم كذالك، فكان بذلهم وعطاؤهم يطال كل من يقترب منهم، ورحمتهم وعطفهم وعلمهم يسع كل الناس، وأخلاقهم ولينهم وتقربهم الى الناس بالحسنى... انتفع منها العدو قبل الصديق.

وفي نفس السياق نجد رواية أخرى للإمام أمير المومنين علي عليه السلام تسير في اتجاه التأكيد على نفس المنهج، حيث يقول سلام الله عليه : « أيها الناس، إني والله ما أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها، ولا أنهاكم عن معصية إلا وأتناهى قبلكم عنها ». وذالك بالتأكيد ما جعلهم يكتسبون مصداقية مع جميع الناس، بما في ذالك الخصوم والأتباع.

وهذا هو المطلوب منا بالتحديد أن نقوم به، أن نتخلق بأخلاق الاسلام في ذواتنا، وأن نتلبس بما نحمل من أفكار في أفعالنا قبل أن نطالب غيرنا بذالك، وأن نترجم خطنا الثقافي الى واقع عملي يسير بين الناس، أن نشتغل على أرض الواقع بأعمال واضحة للعيان، لأن التنظير مهما كان جميلاً، فإنه سرعان ما يتبخر إن لم يصدقه العمل، لذا يجب أن يكون شعارنا المرحلي : كثير من العمل وقليل من الكلام، فلقد تكلمنا بما فيه الكفاية، وتحدثنا عن أنفسنا بالقدر الكافي، فلنترك الفرصة للعمل كي يتحدث عنا، ولا شك أنه سيقوم بدوره أفضل من الكلام.

وأما الخطبة الثانية، فقد نبه فيها فضيلة السيد الى أن المنهج العملي في الدعوة، هو ضرورة يفرضها الواقع كذالك، ذالك أن المجتمع الذي نعيش فيه، يولي أهمية للعمل أكثر من الكلام، إذ أن الناس لم يعد لديهم الوقت الكافي ليضيعونه في الاستماع الى التنظير، ولذالك نجد أن كل من يريد أن يوصل منتوجه الى المجتمع، يعمد الى إيصاله عن طريق الصورة الصامتة أو المرفوقة بشروحات طفيفة، لأن الصورة صارت أبلغ من أي تعليق أو كلام، وهو المشاهد حالياً في كل المجالات، والصورة تعني ترجمة للكلام واختزال له، أي تبني الجانب العملي في التبليغ، أي أن تترجم كل ما تريد قوله الى واقع عملي ينوب عن الكلام، لذالك كان من المفروض علينا أن نتكلم بنفس لغة المجتمع في الأداء، حتى تكون نسبة النجاح مرتفعة لدينا.

وهذا ما نسعى الى أن يتشبع به كل من يفد علينا في هذه المؤسسة، أن يفهم أن الوقت هو وقت عمل، فالمهمة صعبة جدة بحكم الألغام المزروعة في الساحة، وبحكم حساسية المرحلة، ولذالك لا بد وأن تكون أساليب العمل متطورة، تتماشى من جهة مع تقدم المجتمع، ومن جهة تعكس تطور المشروع الاسلامي وقدرته على مسايرة جميع المراحل، والا فإننا لن نستطيع مواكبة الركب إذا بقينا متمسكين بالأساليب القديمة والتي لم تكن في مجملها مرتبطة بمنهج الاسلام والنبي والعترة الطاهرة عليهم السلام ينهي كلامه فضيلة السيد.     

lunes, 1 de septiembre de 2014

خطبة الجمعة 19


آداب التعامل مع عترة النبي ( التأدب في المناداة ) :

في خطبة الجمعة لهذا الأسبوع والتي أقيمت بمركز الإمام الهادي ببرشلونة، تناول فضيلة السيد العربي البقالي الحَسَني خطيب الجمعة بالمركز ورئيسه موضوع : آداب التعامل مع عترة النبي وتحديداً التأدب في مناداتهم، انطلاقاً من قول الله عز وجل : ﴿ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً ﴾. النور. 63. إذ وبعد حمد الله والثناء عليه بما يليق بجلال وجهه، والصلاة على النبي الأكرم وآله الأطهار، وتلاوة سورة من القرآن الكريم، وتنبيه الحاضرين الى ضرورة تقوى الله عز وجل، باعتبار أن التقوى ليست غاية تنتهي عندها جهود المرء، وإنما التقوى زاد يتزود به المومن في سفره الى دار الخلود....
افتتح فضيلته الخطبة الأولى بمقدمة تمهيدية، تعرف بمكانة النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة السلام وعظمته عند ربه، إذ أن الله جعل طاعته من طاعة نبيه، ﴿ من يطع الرسول فقد أطاع الله ﴾. النساء. 80.  وجعل حب الله في اتباع رسوله، ﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ﴾. آل عمران. 31.  وجعل الإيمان به جل جلاله مربوطاً بالإنقياد والتسليم لنبيه، ﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ﴾. النساء. 65. وهذا كله يدل على عظمة هذا النبي عند ربه ومكانته وقيمته لديه، وهو يستوجب احتراماً شديداً وتأدباً وتبجيلاً خاصاً من لدن المسلمين تجاهه، لما في هذا الاحترام والتأدب والتبجيل والتسليم... من التزام بأمر الله وطاعته، من ذالك التأدب معه في مناداته، إذ وتبعاً للتعليمات والتوجيهات الواردة في الآية موضوع خطبتنا، فإن الله عز وجل يوجه عباده بأن لا يجعلوا مناداتهم للنبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام كمناداتهم لبعضهم البعض، بحيث كما ورد عند عامة المفسرين من المدرستين، أن النهي متعلق بمناداة النبي بمحمد... وإنما عليهم أن ينادونه بنبي الله ورسول الله... وأن في مخالفة هذا الأمر وعيد شديد كما ورد في ذيل الآية الكريمة.
وهو نفس التأكيد الذي يسير في اتجاه احترام النبي الأكرم نجده قد تكرر في مواقع أخرى وبأغراض أخرى في القرآن الكريم، كتلك التعليمات التي افتتحت بها سورة الحجرات، ﴿ يأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون، إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر عظيم، إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ﴾. الحجرات. 2. 3. 4. فكانت هذه التوجيهات بغاية أن يعلم الناس أن النبي وإن كان بشراً مثلهم، إلا أنه يسموا فوقهم لكونه نبياً مصطفى من عند الله وخيرته من خلقه، لذالك أوجب عليهم معاملة مميزة تجاهه، غايتها الاحترام والتوقير والتبجيل والتسليم والخضوع والإنقياد، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، ويجمع عليه كل المسلمين بالرغم من تجاوزه من لدن بعضهم في لحظة من لحظات التاريخ.
وما قيل في حق النبي الأكرم من ضرورة الاحترام والتأدب في المناداة... يقال في حق العترة الطاهرة من آل بيته، ذالك أن الإمامة امتداد للنبوة، ولكي يتسنى للإمام القيام بنفس دور النبي، من نصح وإصلاح وتبليغ... فإنه يجب أن يتمتع بكل مستلزمات ذالك، من طاعة وتكريم وتبجيل واحترام... كما أن توصيات المشرع الحكيم الواردة بشأن اتباع كتاب الله والعترة الطاهرة والانقياد لهما تقتضي ذالك أيضاً، إذ ما يقال في وجوب تعظيم القرآن الكريم المجمع عليه من لدن كل المسلمين، يقال أيضاً في حق العترة، ومن هنا سر اقترانهما في وصية النبي الأكرم بهما الواردة في الحديث النبوي الشريف : « ... وإني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترة أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».
هذا بالنسبة لمن يعتقد بإمامة العترة الطاهرة، ولمن لا يعتقد بإمامتها فهو ملزم بالتقدير والاحترام... لهم أيضاً امتثالاً لقول ربنا جل وعلا : ﴿ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ﴾. الشورى. 23. إذ أن مودتهم تقتضي تكريمهم واحترامهم... بقدر تكريم واحترام... من بسببه عظمت مكانتهم، وعلى هذا سار كثير من المسلمين، حيث كانوا ينادون الأئمة عليهم السلام بابن رسول الله.
كما أن غير الأئمة من العترة الطاهرة هم معنيون أيضاً بهذا الاحترام بحكم انتسابهم وصلتهم بالبيت النبوي، وهذا هو السبب في إفرادهم بموقع ومنزلة خاصة في بعض الأحكام الشرعية كما هو الشأن في مصرف الخمس... وعلى هذا الفهم سار العديد من المسلمين، إذ كانوا يخصون كل من ينتمي الى البيت النبوي من غير الأئمة بمعاملة متميزة، أساسها الاحترام والتقدير والتبجيل والتعظيم... والمغاربة لم يكونوا بدعاً من ذالك، فمنذ أن نزل بديارهم المولى إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليهم السلام وهم يهتمون بالعترة اهتماماً خاصاً، فقد رحبوا به وزوجوه من نسائهم، ونصروه وعزروه ووقروه، وكذالك كان تعاملهم مع نسله وعقبه، فكانوا يحبسون ويوقفون ممتلكاتهم على كل من ينتمي الى العترة من فرط حبهم لهم، وكانوا يميزونهم عن غيرهم في المناداة، فكانت كلمة ( الشريف ) لا تطلق الا على من ينتمي الى هذه الدوحة المباركة، وكل ما سجله المغرب من تقدم في تاريخه كان بسبب هذا الولاء، وهذه سيرة طيبة للشعب المغربي، وواجبنا أن نحافظ عليها ونعمل على إحيائها إذا أردنا النجاح في حياتنا اليومية والفوز في الدار الآخرة، إذ أن نجاح الأمم يكمن في تعظيم عظمائها وتقديرهم وتكريمهم.
وأما الخطبة الثانية، فقد ركز فيها فضيلة السيد الحديث على ضرورة الاستفادة من التجارب المحيطة بنا في هذا السياق، إذ أشار الى أن أحد أهم أسباب تقدم المجتمع الذي نعيش فيه، يتمثل في تعظيمهم لشخصياتهم التاريخية التي ساهمت في تطوير المجتمع في شتى المجالات، سواء منها المجال العلمي أو الأدبي أو الاجتماعي... ولذالك ترونهم يقيمون التماثيل التذكارية للأطباء والفلاسفة والأدباء والشعراء... وعياً منهم بأن هذا التخليد والاحتفال والتمجيد، سيشجع الأجيال المقبلة على العطاء أكثر لما في ذالك من تقدير لكل من يساهم في تطوير المجتمع، والارتباط بماضيها باعتباره مفخرة لهم، وباعتبار أن الأمة التي لا ماضي لها، هي أمة فاقدة للذاكرة، والأمة الفاقدة للذاكرة لا حظ لها في الحاضر والمستقبل، من هنا كان لزاماً علينا كأمة مطالبة بالتأمل في محيطها والاستفادة من تجاربه الإيجابية، أن نهتم بذالك وناخذ منه العبر والدروس... ينهي فضيلة السيد خطبته.