Translate
miércoles, 6 de agosto de 2014
خطبة الجمعة 16
حقيقة الشكر لله :
في خطبة الجمعة لهذا
الاسبوع والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تناول فضيلة السيد العربي
البقالي الحَسَني موضوع : حقيقة الشكر لله، إذ بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة
على النبي وآله الأطهار عليهم السلام، وتحريض الحاضرين على تقوى الله وأهمية ذالك
في حياة المومن، وخصوصاً مع العلم بأن التقوى مراتب متعددة، وهذه المراتب هي من
تتوج موقع الانسان، بحيث ان المرتبة التي يتبوؤها في الدنيا ومن خلال عمله، هي من
تحدد موقعه يوم الحساب.
انتقل فضيلته الى
الحديث عن حقيقة الشكر لله، حيث بدأ بتعريف الشكر لغة والذي هو : الثناء، يقال
شكرت فلاناً، أي : أثنيت عليه، ويكون هذا الثناء مقابل شيء تلقيته، من هنا فالشكر
الموجه لله هو مقابل النعم التي أسبغها على عباده، وهذا الشكر قد يكون لفظاً، كما
قد يكون عملاً، وهو أحسن أساليب الشكر.
ذالك أن العبد مطالب
بمواجهة النعمة بالعمل بمقتضاها وهو الامتثال لأوامر الله واجتناب نواهيه، بل
والزيادة على ذالك بالتقرب الى الله بالنوافل، سيراً على هدي النبي الأكرم الذي
كان يجهد نفسه في عبادة الله، فيسأل عن ذالك رغم أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه
فيجيب : « أفلا أكون عبداً شكوراً ». وحتى يكون
شكر العبد هذا مدعاة لزيادة النعمة ودوامها عملا بقوله تعالى : ﴿
وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ﴾. إبراهيم. 7.
ويكون أصدق من الاقتصار على ترديده لفظاً، غير أنه لما كانت نعم الله عز وجل من
الأمور التي يصعب عدها وحدها بحد ﴿ وإن تعدوا نعمة الله
لا تحصوها ﴾. إبراهيم. 34. فإن
مقابلتها بالشكر كان من أصعب الأمور، بل إنه من الأمور المستحيلة إذا علمنا أن
الشكر لله في حد ذاته هو نعمة من عند الله أنعمها على عبده الشكور، لذا كان أفضل مراتب
الشكر هو الوصول الى قناعة واستنتاج كون الشكر في عمقه هو : العجز عن شكر الله
سبحانه وتعالى.
وللشكر مصاديق
متعددة، منها أن يظهر العبد أثر النعمة على نفسه وأن يحدث بها : ﴿ وأما بنعمة ربك فحدث ﴾. الضحى. 11. ومن ذالك معرفة قيمة
النعمة ومصدرها، فقد ورد في بعض الروايات عن أمتنا عليهم السلام قولهم : « ومن عرفها بقلبه فقد أدى شكرها ». وعلى هذا فإنه لو
ألقى الانسان منا نظرة على ما يجري في هذا العالم من حوله، من ظلم وجور، وانعدام
الامن والاستقرار في معظم بلداننا الاسلامية والعربية، واضطهاد للناس وممارسة التمييز
ضدهم بسب معتقداتهم، فإنه سيعي أن الهجرة الى هذه البلدان الآمنة التي نعيش فيها،
كانت نعمة من عند الله يجب شكرها، لأن الأمن الاجتماعي والسياسي المتوفر بهذه
البلدان، هي مقدمات للحصول على الأمن الروحي الذي تفتقر اليه معظم شعوب العالم،
وشكر هذه النعمة يكمن في معرفتها، ثم تقديرها حق قدرها، إذ أن إيجابيات الهجرة،
يجب أن لا تحصر في الجانب المادي الصرف، بل إن أهم إيجابية فيها، يكمن في التمتع
بالحرية في التعبير عن الرأي، وممارسة المعتقد بشكل حر ودون قيود... لذالك كان
الوعي بهذه القضايا، هو شكر لله، وواجب الحفاظ عليها والدفاع عنها وتبنيها كقضايا
إنسانية ينص الدين على ضرورة احترامها وإقرارها، هو مستوى آخر من مستويات الشكر
لله والذي يعكس معرفة معنى الشكر وحقيقته يضيف فضيلة السيد.
وأما الخطبة
الثانية، فقد خصها فضيلته للحديث عن شكر الناس كمعبر لشكر الله جل وعلا، ذالك أنه
من معرفة حقيقة الشكر، أن تتوجه بالشكر والامتنان الى كل من أسدى لك معروفاً أو
قدم لك خدمة، لأن في ذالك شكر عملي لله وليس استصغار للنفس واحتقارها كما قد يفهم
البعض، وهذا ما جاء صريحاً في بعض الروايات الواردة عن أئمتنا سلام الله عليهم،
حيث ورد في الكافي والبحار أن الله تعالى يقول لعبده يوم القيامة : « أشكرت فلاناً؟ ( واسطة النعمة ) فيقول : بل شكرتك، فيقول : لم
تشكرني إذ لم تشكره، فأشكركم لله أشكركم للناس ».
من هنا فما
نراه في واقعنا اليومي من سلوك صادر عن بعض المسلمين تجاه أرباب عملهم، والذين
ينعتونهم بالكفار، أو ما شابه ذالك، بعد أن يكونوا قد أمنوا لهم فرصة شغل ومصدر
دخل، وغير ذالك من المعروف، هو عين الكفر بنعم الله، وقمة الجحود بها، وجهل حقيقي
بحقيقة الشكر وتعاليم الاسلام.
وكم من معروف
ارتفع من بين الناس بسب الكفر به بعد أن كان عرفاً سائداً، وليس ذالك الا من الجهل
بحقيقة الشكر التي هي الضامن الأساسي لاستمرار النعم وزيادتها، وتعود على الشاكر
بالمنافع قبل غيره، ﴿ من شكر فإنما يشكر لنفسه ﴾.
النمل. 40. منهياً بذالك فضيلة السيد خطبته.
Suscribirse a:
Enviar comentarios (Atom)
No hay comentarios:
Publicar un comentario