Translate
miércoles, 13 de agosto de 2014
خطبة الجمعة 17
اختيار الصديق، خطوة على طريق النجاح :
في خطبة الجمعة لهذا
الأسبوع والتي أقيمت بمركز الإمام الهادي ببرشلونة، تناول فيها فضيلة السيد العربي
البقالي الحَسَني خطيب المركز ورئيسه بالدرس والتحليل موضوع : اختيار الصديق، خطوة
على طريق النجاح، انطلاقاً من قول الله جل جلاله : ﴿ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين ﴾ الزخرف. 67.
ذالك وبعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي الأكرم وآله الأطهار، وتلاوة
سورة من القرآن الكريم، وتذكير الحاضرين بأهمية تقوى الله في حياة المومن كزاد
يتزود به في سفره الدنيوي، وكسلم يرتقي من خلاله ليتبوأ المناصب العليا مع النبيين
والصديقين والشهداء والصالحين.
افتتح فضيلته الخطبة
الأولى بأهمية انفتاح المرء على محيطه وحاجته الى مجتمعه من خلال إنشاء صداقات، لا
من جهة كون الانسان اجتماعي بطبعه كما يذهب الى ذالك بعض الفلاسفة، وإنما من جهة
الوعي أن المرء لا يستطيع تلبية جميع احتياجاته ومصالحه لوحده، وإنما يحتاج في
ذالك الى الآخرين، ولو استطاع الى ذالك سبيلاً لما أنشأ علاقة واحدة. ومهما يكن من
أمر، فإن المهم في ذالك هو أن يختار الإنسان صديقه لا أن يفرض عليه، وأثناء عملية
الاختيار، لا بد أن يراعي في ذالك بعض الشروط في الصداقة، كالاستقامة والأخلاق...
لأن الصداقة لها تأثير مباشر على مستقبل المرء، إذ كيفما يكن صديقك تكن أنت، ذالك
أن للمحيط تأثير عجيب على المرء يتجاوز قدرة العقل أو تأثيره، فقد يتصور الإنسان
أحياناً أن نبوغه وذكاءه ورجحان عقله قد ينجونه من مؤثرات المحيط، وهذا عكس ما
تذهب اليه الدراسات الاجتماعية التي أقيمت في هذا المجال، والتي أثبتت أن جاذبية
المحيط هي أكثر قوة من تأثيرات العقل، كما أن القرآن نفسه يؤكد هذه المسألة، فقد
قال الله تعالى : ﴿ قل إنما
أعظكم بواحدة، أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ﴾. سبأ. 47. ذالك أن
النبي الأكرم وهو يدعو قريشاً الى دعوة الاسلام، كان يحدث أن يتأثر بعضهم بما
يسمعه من تلاوة آي القرآن الكريم، فيمدحه لما يترك في نفسه أثر ذالك الاستماع، لكن
سرعان ما يتراجع عن ذالك عندما يتلقى استهجاناً من جماعة محيطه، فنزل القرآن الكريم
ينبه النبي الى دعوة هؤلاء للابتعاد عن المحيط والتفكير في القضية فرادى... لما
للمحيط من قوة الجاذبية على المرء. وهو نفس الأمر الذي أكدت عليه بعض الروايات
النبوية الشريفة، حيث ورد عن النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام قوله : « المرء على دين خليله ». ورواية أخرى في نفس السياق عن
أمير المومنين علي عليه السلام حيث يقول : « الصديق قبل
الطريق، أو الرفيق قبل الطريق ».
من هنا فالمحيط
ومن حلال الصداقة، يتدخل في صناعة مصير الإنسان دون شك، ولما كان الأمر كذالك، فإن
العقل يقتضي الوعي التام بهذه القضية، وهذا يقتضي أن يتحرك الانسان من أجل اختيار
أصدقائه ليعينوه على صناعة واقع يضمن مصيراً محموداً، والحفاظ على ما قد يتلقاه في
بيته من قيم تعود عليه وعلى الآخر بالمنفعة...
والاسلام
ووعياً منه بخطورة هذه القضية، لم يكتف بالتوجيه فيها بالجانب النظري فحسب، وإنما
أتى بمشهد من مشاهد يوم القيامة يحاكي فيه نتائج الصداقة ونوعيتها على الأخلاء في
قوله تعالى : ﴿ قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك
لمن المصدقين، أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمدينون، قال هل أنتم مطلعون،
فاطلع فرءاه في سواء الجحيم، قال تالله إن كنت لتردين، ولولا نعمت ربي لكنت من
المحضرين ﴾. الصافات. 51. 52. 53. 54. 55. 56. 57. كما أن هذا المشهد يزكي
معنى الاية التي انطلقنا منها في هذه الخطبة، وهي أن معظم الصدقات آيلة الى
السقوط، الا صداقة المتقين.
وأما الخطبة
الثانية، فقد خصصها فضيلة السيد للحديث عن ضرورة إعداد المرء لنفسه لكي يكون
صديقاً في المستوى لجميع الناس، بحيث أنه إذا لم يهتم الانسان بنفسه قيمياً
وأخلاقياً، فإنه من الصعب الحصول على أصدقاء يعينون على استمرار الأخلاق الحسنة في
المجتمع، وعلى تخطي الصعاب ونوائب الدهر، فبناء الصداقات الإيجابية يبدأ بإعداد
النفس إعداداً إيجابياً.
كما أن الصديق
الحسن، لا يعني بالضرورة الانسان المتدين، بل قد يكون الصديق صديقاً في المستوى
المطلوب دون أن يكون متديناً، لكن وحيث أن التدين من شأنه أن يرفع من مستوى
الاخلاق لما لارتباط العبادة بالتربية، لذالك ينصح دائماً باختيار الصديق المتقي،
لكن هذا لا يعني أبداً اختيار الصداقة على أساس طائفي أو مذهبي، وإنما المعيار في
ذالك حسن الخلق والاستقامة، سواء كان مصدرها التدين أو غير ذالك.
وعلى هذا فإن
المطلوب من المومن أن يحسن خلقه ليطرح نفسه صديقاً لكل الناس، يعولون على صداقته
في الشدة والرخاء، وخاصة في وقتنا هذا الذي أصبحت فيه الصداقة يتيمة، ولم يعد يثق
الانسان حتى في أقرب الناس اليه، من جراء الدوس على القيم من لدن عبدة المادة
والمتدينين الجاهلين يختم فضيلة السيد.
Suscribirse a:
Enviar comentarios (Atom)
No hay comentarios:
Publicar un comentario