Translate

sábado, 3 de mayo de 2014

خطبة الجمعة 4




الاعراض عن اللغو وأثره التربوي :


في خطبة الجمعة لهذا الاسبوع والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تناول سماحة السيد خطيب المركز بالدرس والتحليل موضوع : الاعراض عن اللغو وأثره التربوي، انطلاقاً من قول الله تعالى : ﴿ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ﴾. القصص. 55.

لكن وقبل الخوض في مضمون الخطبة، وبعد حمد الله والثناء عليه، والاقرار له بالشهادة بالوحدانية، ولنبيه الأكرم بالرسالة والنبوة، وبالصلاة عليه وعلى آله الأطهار، وتلاوة سورة من القران الكريم، حرض سماحته الحاضرين على ضرورة تقوى الله، ونبه الى أن التقوى خير زاد يمكن للمومن أن يتزود به في طريقه الى الله، مذكراً في ذالك بقول أمير المومنين علي عليه السلام : « أما لو أذن لهم -  أهل القبور – في الكلام، لأخبروكم أن خير الزاد التقوى ». كما ذكرهم وفي نفس السياق بما أعد الله سبحانه من منازل لأهل التقوى كما جاء في كتابه الحكيم : ﴿ إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم، إنهم كانوا قبل ذالك محسنين، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ﴾. الذاريات. 15. 16. 17. 18. 19.

بعدها انتقل سماحة السيد الخطيب الى شرح صلب الخطبة، حيث ومن خلال مقدمة قصيرة، نبه الى أهمية عامل الوقت في حياة المومن، والى ضرورة استثماره فيما يعود عليه وعلى محيطه بالنفع، مستشهدا في ذالك بقول النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام لأبي ذر : « يأبا ذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك ». وقول أمير المومنين علي عليه السلام : « من شغل نفسه بما لا يجب، ضيع من أمره ما يجب ». كما أنه ولنفس الغاية، ينبغي على المومن أن يستغل طاقته وإمكاناته في ما يعود عليه في دنياه وآخرته بالنفع، وفي هذا السياق جاءت الآية الكريمة لتحدثنا عن أن المومنين وتطبيقاً لمبدأ أهمية الوقت في حياتهم، فإنهم يترفعون عن الاهتمام بما لا طائل من ورائه، حتى وإن اقتحم عليهم سمعهم وأبصارهم، فإنهم يتنزهون عن الاشتغال به، أو الرد عليه، أو الانجرار وراء استفزازته، أياً كان مصدر هذا اللغو، وأياً كانت أهدافه ومقاصده، فلا يتقصدون سمعه البتة، بل إنهم يعرضون عنه ويتجاهلونه، بل حتى وإن حمل نبرة الاستفزاز ومعاني الجهل، فانهم يواجهونه بالقول السلام كما في قوله تعالى عن عباد الرحمان : ﴿ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ﴾. الفرقان. 63.

لأن المومن يضيف سماحة السيد الخطيب، يعي أن في الانسياق وراء اللغو والاهتمام به، هدر للوقت، وتهييج للأعصاب، وإكبار من شأن من يشتغل باللغو، وحيث أن وقته أثمن وأنفس، فإنه يسمو عن أن يضيعه في التفاهات.

وبعد أن عرج على كلام للامام الصادق عليه السلام في تفسير الاية ومعنى اللغو مفاده : « أن يتقول الرجل عليك بالباطل، فتعرض عنه لله ». ساق سماحة السيد خطيب المركز، شواهد نموذجية في كيفية التعاطي مع اللغو من مواقف تعرض لها الامام زين العابدين عليه السلام، إذ جاءه رجل وقد كال له من كل أنواع التسقيط والسباب واللعن، فرد عليه الامام قائلا : « يافتى، إن بين أيدينا عقبة كؤوداً، فان جزت منها فلا أبالي بما تقول، وإن أتحير فيها فانا شر مما تقول ». وجاءه آخر لنفس الغرض، فأعرض عنه الامام بوجهه، فقال الرجل : إياك أعني، ورد الامام عليه : « وعنك أغضي ». وغيرها من المواقف النبيلة التي ذكرها صاحب مناقب آل أبي طالب وغيره.

فهذا السلوك يحاكي القرآن الكريم الذي يقول : ﴿ والذين هم عن اللغو معرضون ﴾. المؤمنون. 3. كيف لا والائمة عليهم السلام هم القرآن الناطق وعدله، وعلى هذا السلوك يجب ان يسير كل من هو مؤمن بحبهم ومودتهم وولايتهم، لان الاقتداء بهم فرض، وتعبير عن صدق المودة والحب والولاية.

ان انتهاج هذا النهج في الاعراض عن اللغو، لا شك انه سيترك آثاراً إيجابية على سلوك المرء، وسيشكل عنصراً مهماً في تربيته، ومن ضمن الآثار التي قد يشهدها المرء على نفسه إذا ما رباها على الاعراض عن اللغو :

- التعود على الاهتمام بما يفيد فقط.

- الترفع والسمو عن التفاهات.

- تجاهل مصدر اللغو وعدم إعطائه ما يبحث عنه من الاهتمام.

وفي الاخير نبه سماحة الخطيب الى ان اللغو ليس بالضرورة ان يكون مصدره أقوام لا أهمية لهم في المجتمع، فقد يكون منبعه دعاة ورجال دين وكتاب... لذا فالمطلوب من الجميع ان ينتبهوا الى ما يشتغلون به وما يشغلون به أنفسهم وغيرهم، والانتباه الى تمييز ما يجب الاستماع اليه، فقد قال الله عز وجل : ﴿ وقولوا للناس حسناً ﴾. البقرة. 83. وقال النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام : « لا خير في العيش الا لرجلين : عالم مطاع، ومستمع واع ».

وفي الختام، نبه سماحة السيد الخطيب الى خطورة الانجرار وراء ما تحمله التكنولوجيا الحديثة من لغو كبير والاقتصار على التعاطي مع القضايا الايجابية فحسب، لان عالم التكنولوجيا قد اقتحم على الانسان بيته ومعمله ومدرسته... وأصبحت المعطيات ترد على الانسان في كل وقت وحين، سواء عن طريق الهواتف الذكية والحواسيب... وما تحمله المواقع الاجتماعية وغيرها في هذا الصدد، لذا ينبغي أن يحذر المومن المعصية في ذالك، ويعرض عن كل ما لا نفع من ورائه، فرب مجرد ضغط على زر، أو القيام بمشاركة، قد ترتب على صاحبها أضراراً جمة في الدنيا والآخرة.

No hay comentarios:

Publicar un comentario