Translate
domingo, 18 de mayo de 2014
خطبة الجمعة 6
دور
العبادة في التربية:
في خطبة
الجمعة لهذا الأسبوع، تناول سماحة السيد خطيب الجمعة بمركز الامام الهادي ببرشلونة
بالدرس والتحليل موضوع دور العبادة في التربية، حيث وبعد أن استهل الخطبة بحمد
الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على محمد وآله، وقراءة سورة من القرآن الكريم،
ذكر الحاضرين كما جرت العادة على ذالك بأهمية تقوى الله سبحانه وتعالى، مشيراً في
ذالك الى قوله تعالى : ﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾. الحجرات 13. والى قول
النبي الأكرم سلام الله عليه في الموضوع : من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه « إني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم، ﴿ ومن يتق الله يجعل
له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾. فما زال يقولها ويعيدها ». والى قول
أمير المومنين علي عليه السلام : « إن تقوى الله مفتاح
سداد، ودخيرة معاد، وعتق من كل ملكة، ونجاة من كل هلكة ». مما يعطي الاشارة
بأن التقوى عليها مدار كل الأعمال التي نقوم بها والحركة التي نتحرك من خلالها في
محيطنا يضيف سماحة السيد الخطيب.
ثم انتقل بعد ذالك سماحته الى التعرض لدور العبادة في التربية، حيث قدم
للموضوع بمقدمة فلسفية تقرب الى الحاضرين الكيفية التي تجعل من العبادة عاملاً
حاسماً في تربية الانسان، حيث نبه الى أن العبادة هي وسيلة للتقرب الى الله، وعنصر
تكامل الانسان، وهي بذالك تدخل في نطاق المنهج التربوي الاسلامي، ذالك أن الاسلام
يهدف الى تربية الانسان أخلاقياً واجتماعياً، ويجعل من العبادة أهم وسيط لتحقيق
ذالك لما لها من تأثير في روح الانسان وأخلاقه.
إن أهم شيء في الاخلاق أو روحها هو نكران الذات، وروح القضايا الاجتماعية
وجوهرها هي العدالة، أي تجاوز الذات من أجل إسعاد الآخر، ممايجعل من الأخلاق
والعدالة بهذا المفهوم بعدين مقدسين، وتَمَثُل الاخلاق في الذات والتضحية من أجل
إقامة العدالة باعتبارهما مقد سين، يقتضي الإيمان بأصل القداسة الذي هو الله عز
وجل، من هنا فأخلاق الإنسان تعلو وتسمو بقدر إيمانه بالله عز وجل، ومقدار الايمان
هو انعكاس لمقدار العبادة.
لذا فالاسلام لا يفصل قضية الاخلاق عن العبادة، حيث أنه يقول بأخلاق
وعدالة قوامهما العبادة، وهذا يستلزم أن من كانت غايته تربية نفسه ومحيطه، فهو
ملزم بأن بهتم بالعبادة، لأن المعرفة مهما علا شأنها، فإنها تبقى عاجزة عن الإيفاء
بالمراد في هذا المقام، لأن الانسان قد يعي معنى الصدق كقيمة أخلاقية وعياً تاماً،
ولكن أثناء تطبيق ذالك، قد تصطدم هذه القيمة مع مصلحة ذاتية له كتحقيق الربح، ومن
هنا وحيث أن الوازع العبادي غير حاضر، فإنه يضطر الى التضحية بقيمة الاخلاق مقابل
الابقاء على المصلحة الذاتية قائمة.
وعلى هذا يضيف سماحة السيد الخطيب، فإن الصلاة كعبادة، غايتها زرع العامل
الخلقي عند الانسان، وهذا هو السر في تكراها والمطالبة بالاتيان بها بالليل
والنهار، لما تحتوي عليه من معاني الألوهية والربوبية والتسليم لله والانقياد اليه
والتوكل عليه وطلب الهداية منه... وكلها معاني ترتقي بإيمان العبد ومن ثم الارتقاء
بأخلاقه.
كما وأن الاستغفار مضمونه يعني محاسبة النفس التي هي وسيلة من أهم الوسائل
لتحسين السلوك، فالشخص الذي يقرأ في دعاء كميل جملة مفادها : وقد أتيتك يإلهي بعد
تقصيري وإسرافي على نفسي، معتذراً نادماً منكسراً... يكون قد وقف الى جانب نفسه
وقفة جعلته يخلص الى أنه وبعد محاسبتها، قد توصل الى أنه فرط في جنب الله وأسرف على نفسه، فقرر
العودة الى الله في وقت مخصوص للاعتراف بذالك وإظهار الندامة، والعزم على تجاوز
ذالك وعدم العودة اليه، مما يفيد أن هناك وعي أدت اليه عبادة الاستغفار.
والصيام هو سيلة لتقوية موقف النفس إزاء الشهوات والتحكم فيها عوض
الاستسلام لها والتحول الى عبد من عبيدها.
وقيام الليل يعني ترويض النفس على تجاوز الصعاب وتحمل الأذى، لأن من يعود
نفسه على التحكم في فطرة النوم التي لا يمكن للانسان أن يعيش بدونها، فلا شك أن
نفسه ستصبح طوع يديه...
وهكذا الشأن مع جميع العبادات، إذ ان كل عبادة من العبادات لها دور محدد
في تربية الانسان والارتقاء بسلوكه بشكل تعجز باقي وسائط التربية الأخرى عن القيام
به.
ثم انتقل بعد ذالك سماحة السيد الخطيب الى ربط بعض القيم بالعبادة، حيث
بدأ بالعبادة وعلاقتها بالتحرر الذي هو ديدن كل المجتمعات، حيث أورد آية قرآنية
كأساس لذالك، وهي قوله تعالى : ﴿ قل يأهل الكتاب تعالوا
الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا
بعضاً أرباباً من دون الله ﴾. آل عمران. 64. فالعبودية لله وحده، تقتضي ألا
يكون بين الفريقين وبين الناس فيما بينهم رباً وعبداً، أي سيداً وعبداً.
كما أن العبادة هي من يصنع التسامح، إذ أورد لذالك قصة جاء فيها، أن
الصحابي الجليل مالك الأشتر، وهو قائد جيوش الامام علي عليه السلام، تعرض لإهانة
من أحد الناس لما كان يتجول في الشارع، حيث عمد شاب الى رميه بشيء بقصد الاهانة،
لم يلتفت اليه هذا الصحابي ولا الى إهانته، فجاء رجل يخبر الشاب أن الشخص هدف
الاهانة هو قائد الجيش، فتبعه الشاب ليعتذر عن إهانته خوفاً من بطشه، فلحق به وهو
يدخل المسجد، فانتظره حتى خرج وأدلى اليه باعتذاره وندمه على فعلته، فأخبره الصحابي
أنه لم يدخل الى المسجد الا لأداء ركعتين يطلب المغفرة والهداية فيهما للشاب.
كما أن العبادة هي من يساهم في إدماج صاحبها في محيطه الاجتماعي، ولا
تساهم في عزله عنه أبداً، فالعبادة بهذا المعنى هي توجه الى الذات والى الخارج،
واستدل لذالك بقوله تعالى : ﴿ التائبون العابدون الحامدون
السائحون الر اكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود
الله ﴾. التوبة. 112. فالقسم الأول من الاية هي أمور تعود الى علاقة
الانسان مع ربه وحديثه اليه وسلوكه نحوه في خلوته، بينما الجانب المتعلق بالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، هو سلوك يتوجه به المرء الى محيطه والى خارج الذات،
وهو أمر تصنعه العبادة.
وهكذا ليخلص في النهاية سماحة السيد الخطيب، الى أن الاسلام لا يعني أن
يعلَقَ الانسان في قضايا تاريخية لا يغادرها أبداً، أو يتشابك مع جزئيات فقهية هنا
وهناك لا ينفك منها إطلاقاً، فيتحول الى جبيس لها، وكأن الاسلام صار تاريخاً وفقهاً،
بل إن الاسلام هو أرقى من ذالك، فهوبرنامج يومي يعنى بحاضر الانسان ومستقبله، تكون العبادة فيه جوهر
منظومته التربوية التي تهتم بإنسانية الانسان بهدف تحقيق تكامله الانساني وليس
عملاً تلقائياً روتينياً لا تأثير له على خُلق الانسان بقدر ما هو إجهاد للذات
وإعياء لها.
Suscribirse a:
Enviar comentarios (Atom)
No hay comentarios:
Publicar un comentario