Translate

sábado, 10 de mayo de 2014

خطبة الجمعة5



ذكرى ميلاد أمير المومنين علي بن أبي طالب ( ع ):

 

في خطبة الجمعة لهذا الاسبوع والتي تصادف ذكرى ميلاد أمير المومنين علي عليه السلام، خص سماحة السيد خطيب الجمعة بمركز الامام الهادي ببرشلونة هذه المناسبة بعناية خاصة، حيث أفرد موضوع خطبة الجمعة للحديث عن هذه الذكرى الغالية ليس فقط على المسلمين، وإنما على كل من يجد في نفسه اهتماماً إنسانياً.

 

وكعادته وقبل تناول موضوع الخطبة بالدرس والتحليل، وبعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي وآله الاطهار، وقراءة سورة من القرآن الكريم، قام سماحة السيد بتنبيه الحاضرين الى أهمية الجمعة في حياة المسلم، وبضرورة الاستعداد للحضور لها وذالك بالغسل ولبس الجميل من الثياب والحضور المبكر لها. كما نبه كذالك الى وجوب الاستعداد للحياة الأخرى وذالك بتخصيص حيز من الوقت للوقوف مع النفس، والنظر فيما تقدمه في هذا الصدد، ومضاعفة الجهد في كل إيجابي تم تحقيقه، وتصويب كل ما يجب تصويبه عملاً بمبدأ محاسبة النفس ما دامت هناك فرصة لذالك وما دام الوقت يسمح بالقيام به، وأكد على أن محاسبة النفس هي من تقوى الله كما ورد في مضمون قوله تعالى : ﴿ يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد، واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ﴾. الحشر 18.

بعدها وبالدخول في الخطبة الثانية، استهلها سماحة السيد الخطيب بالتساؤل عما يمكننا قوله في حق أمير المومنين عليه السلام، ومن أين نبد الحديث عنه، وهل يمكن الحديث عن الاسلام كله في خطبة جمعة أو في كتاب أو سيرة..! لكن يكفينا فخراً أن يكون علي إمامنا، وحسبنا أن يقبل بنا أن نكون من شيعته، فهذا أقصى ما يمكن للمرء أن يقوله في هذا المناسبة، وأقصى ما يمكن أن يصبوا اليه.

لكن هذا لا يمنع إذا قبل مولانا أمير المومنين أن نذكر بعضاً من محطات حياته إذا سمح بذالك الوقت يضيف سماحة السيد الخطيب، حيث ذكر بأن مولده الطاهر كان ضمن الكعبة المشرفة، وهو شرف لم يسبقه اليه غيره ولم يقم لأحد بعده، كما نبه الى أن الرسول الأكرم عليه السلام هو من سهر على تربيته وتنشئته، وكان له السبق في إجابة دعوة النبي الى الاسلام بعد الصديقة الكبرى السيدة خديجة، وهو ما أهله الى أن يكون أخا النبي ووصيه وهارون أمره... منذ بداية الدعوة الاسلامية، ولقد بدا ذالك جلياً في مواقف عديدة، منها تقديمه نفسه قرباناً فداء للاسلام ونبي الاسلام كما في قصة نومه في فراش النبي الاكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام لما خرج مهاجراً الى المدينة تمويهاً لكفار قريش... وفي حمله راية الدفاع عنه بالمشاركة في جميع الغزوات...

وكذا تقواه وورعه وخشيته، وأخلاقه وكرمه وجوده وسخاؤه وتواضعه وزهده وبكاؤه..، مناقب يصعب الوقوف عندها كلها ولو بالاشارة فحسب، فقد عجز المؤرخون والمحدثون وأصحاب السير... عن الاحاطة بها جميعها يقول سماحة السيد الخطيب.

ولذا سنقتصر على بعض الشواهد في الحديث عنها، فقد وصفه ضرار بن ضمرة بقوله : كان - والله - بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويأنس بالليل ووحشته، غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه ويعاتب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن - والله - مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت أم لي تشوقت؟! هيهات هيهات، قد أبنتك ثلاثا لا رجعة فيها: فعمرك قصير، وخطرك يسير، وعيشك حقير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشته الطريق!

وهذا ابن أبي الحديد المعتزلي رحمه الله ينشد فيه قائلا :

ياقالع الباب التي عن هزها *** عجزت أكف أربعون وأربع

أأقول فيك سميدع كلا ولا *** حاشا لمثلك أن يقال سميدع

بل أنت في يوم القيامة حاكم *** في العالمين وشافع مشفع

إن التاريخ يضيف سماحة السيد الخطيب عجز بأعدائه قلب أصدقائه أن يسجل عن أمير المومنين علي عليه السلام ولو زلة واحدة، فكان ذا خلق عظيم حتى مع الاعداء. قفد نقل عنه سلام الله عليه أنه حين بلغه أن حجر بن عدي وعمرو الحمق -وهما من خاصته- كانا يظهران البراءة واللعن من أهل الشام، أرسل اليهما : أن كفا عما يبلغني عنكما، فأتياه فقالا : يأمير المومنين، ألسنا محقين؟ قال : بلى. قالا : أوليسوا مبطلين؟ قال : بلى، قالا : فلم منعتنا من شتمهم؟ قال : " كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين، تشتمون وتتبرؤون. ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم : من سيرتهم كذا وكذا، ومن عملهم كذا وكذا، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر. ولو قلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم : اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق منهم من جهله، ويرعوي عن  الغي والعدوان من لهج به، كان هذا أحب الي وخيراً لكم " فقالا : يأمير المومنين، نقبل عظتك ونتأدب بأدبك.

فهذه بعض من الشواهد تتحدث عن عظمته، وكان حري بكل المسلمين أن يحركهم على الأقل الإنصاف إن لم يحركهم الاسلام في الحديث عن عظمة الامام الذي هو بالنسبة اليهم رابع خليفتهم، فالأمم لا تتقدم الا بإبراز عظمة عظمائها وتخليد أسمائهم في ثقافتها تحفيزاً للأجيال المقبلة من أجل العطاء أكثر، لأن هؤلاء العظماء هم ذاكرة الامة، والأمة التي لا ذاكرة لها، أمة لا مستقبل لها.

لذالك نحن نتأسف اليوم يضيف سماحة السيد ونحن نرى قوماً لم يعد يكفيهم ممارسة التعتيم على هذه الشخصية العظيمة، وإنما هم يجدون ويجتهدون في سلبه بعض مناقبه وانتقاصه بعض مواقفه ومكارم أخلاقه التي سجلها له التاريح بمداد الفخر والاعتزاز، وهذا من فعل مرض الطائفية البغيضة التي تحركت في الامة والتي أذهبت بوعيها وحلمها وقيمتها، حتى لم تعد تعلم أن أمير المومنين علي عليه السلام، هو فخر الانسانية وملك التاريخ لا ملك طائفة معينة.

ولقد أبلى البلاء الحسن في ذالك الشاعر المسيحي بولس سلامة حين قال في حق علي عليه السلام ،

لا تقل شيعة هواة علي *** ان كل منصف شيعياً

هو فخر التاريخ لا فخر شعب *** يصطفيه ويدعيه ولياً

جلجل الحق في المسيحي حتى *** عد من فرط حبه علوياً

 فهذا هو الانصاف، وعلى هذا يجب أن يسير كل من يتولى علياً عليه السلام، لان انصاف الآخر هي تربية قرآنية يؤكد عليها الأئمة عليهم السلام جميعاً مع كل الناس تأكيداً لقوله تعالى : ﴿ ولا تبخسوا الناس أشياءهم ﴾. وقوله جل من قائل : ﴿ ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى ﴾. فلو أن أبا بكر وعمر... قاما بعمل يحسب لهما، فالانصاف يقضي أن نذكر لهما ذالك العمل اقتداء بأخلاق النبي والعترة الطاهرة والتي هي أخلاق القرآن، لا أن نبخسهما حقهما تطبيقاً لمبدأ المعاملة بالمثل، فالموالي يجب أن يكون النبي والعترة الطاهرة قدوة له لا غيرهما، لأنهما المثل الأعلى لجميع خلق الله... يختم سماحة السيد الخطيب.

No hay comentarios:

Publicar un comentario