Translate

sábado, 28 de junio de 2014

خطبة الجمعة 11


خطبة استقبال شهر رمضان :

في خطبة الجمعة ليوم أمس والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، خصص سيد العربي خطيب المركز ورئيسه، موضوع الخطبة، لاستعراض ومناقشة خطبة النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام لاستقبال شهر رمضان، والتي رواها الصدوق بسند معتبر عن الامام الرضا، عن آبائه، عن أمير المومنين عليهم السلام جميعاً.

فبعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله، ودعوة المومنين والمومنات الى تقوى الله في صيام شهر رمضان عملاً بقول الله تعالى : ﴿ يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من   قبلكم لعلكم تتقون أياماً معدودات ﴾. البقرة. 183. 184.

استهل السيد الخطيب الخطبة الاولى بالتعرض للفقرة أو المقطع الأول من الخطبة الشريفة : « أيها الناس، انه قد أقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه افضل الايام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات... » حيث نبه الى أنه ولفهم كلمات هذه الفقرة ومضامينها وأبعادها وقيمتها، وخاصة تلك التي أتت بعد الذيباجة التي تنص على ان الشهر هو شهر الله، وشهر البركة والرحمة والمغفرة،  لا بد من مقدمة بسيطة تعين على ذالك.

ذالك أن الله عز وجل الذي خلق البشر وفضل بعضهم على بعض، واصطفى فئة منهم وجعلها من خاصته، وخلق الأمكنة، واصطفى بعضها على بعض بأن خصها بمنزلة خاصة عنده، وجعل العمل فيها يعظم بعظمة اختيارها وخصها بهذه القيمة، كما هو الشأن مع الحرم المكي والمدني والقدسي... وباقي العتبات الشريفة، فإنه جل جلاله، خلق كذالك الأزمنة واصطفى بعضها على بعض، ومن الأزمنة المصطفاة شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الذي خصه الله بإضافته الى جلال قدره، ومن هنا فإن هذا الشهر أخذ قيمته من هذه الإضافة الكريمة ومن هذا الاصطفاء الالهي، فكانت أيامه ولياليه وساعاته... بهذا المستوى من الأهمية، وكان للعمل فيه عظمة مأخوذة من عظمة إسناده الى العظيم جل شأنه.

لذالك كانت لأيامه ولياليه وساعاته... هذه المكانة والأفضلية على غيرها من باقي أيام السنة.

وأما الخطبة الثانية، فقد خصها السيد الخطيب لا ستعراض وتحليل الفقرة الثانية من الخطبة : « هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فسلوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم ». حيث أكد مرة أخرى ولاستيعاب هذه المضامين الراقية، لا بأس من مقدمة تضع المستمع في سياق ذالك. ذالك أن الله عز وجل اعتبر الصائم الذي يقبل على صيام شهره هذا هو ضيف عند الله، ولما كان من عادة المضيف من الناس أن يستعد لاستضافة الضيف، بتهييئ المقام وتحضير ما لذ وطاب من المطعم والشراب حتى يكون في مستوى الضيافة، فإن الباري جل شأنه، وباعتباره مضيفاً لعباده في هذا الشهر، فإن ضيافته لا بد وأنها ستكون فوق ما يمكن أن يتصوره المرء والعقل البسيط، ولذالك جاءت على هذا المستوى الراقي من العطاء والإنعام... من جعل النَّفَس تسبيح والنوم عبادة...

لذالك كان اعتبار نوم الصائم وأنفاسه التي هي من الأمور الفطرية التي يستحيل تصور حياة إنسان دونها، عبادة وتسبيح... من مستلزمات نعم الله على عبده التي اقتضاها مقام الضيافة الالهية للصائم في شهر الله، وكذالك الشأن بالنسبة لقبول العمل واستجابة الدعاء، فهذه الأمور ضمنها الله عز وجل للصائم في هذا الشهر على عكس باقي الأشهر الأخرى، لما يستلزمه مقام الاستضافة، وما على العبد الا أن يتوجه الى الله وهو يقوم بذالك، بنية صادقة وقلب طاهر كشرطين أساسين للاستفادة مما هو مقدم له كضيف وبصفة استثنائية في هذا الشهر المبارك.

ولو تعامل الانسان بهذا المستوى من الفهم والوعي مع هذه الخطبة التي تعتبر مدخلاً لفهم خصوصيات رمضان، لأقبل على شهر رمضان بعقل ووعي يمكنانه من الاستفادة من كل ما يقدمه هذا الشهر المبارك من امتيازات خاصة إن على مستوى العبادة، أو على مستوى الجانب النفسي والتربوي والخلقي...  

ليختم في النهاية السيد الخطيب، بالتنصيص على أن الغاية من هذه الخطبة، خطبة النبي الاكرم، هو إعداد الصائم عقلاً ووجداناً لكي يكون في مستوى الحدث، والا فإن من لم يفهم مضامين هذه الخطبة وأبعادها، فإنه سيتعاطى مع شهر رمضان، تعاطي أصحاب المناسبات والمواسيم... أو تعاطي ميتافيزيقي مثالي يجعل ما ورد فيها من الخطب الحماسية التي بيقى نيل ما جاء فيها من القضايا المثالية.

miércoles, 25 de junio de 2014

أنشطة 2


يومية شهر رمضان لسنة 1435ه حسب توقيت مدينة برشلونة، غرانويرش والضواحي
قام بإعدادها مركز الامام الهادي ببرشلونة
ملحوظة : لمن يريد اعتماد هذه اليومية الشرعية، يرجى مراعاة التوقيت الصيفي *

viernes, 20 de junio de 2014

خطبة الجمعة 10


العفة والقناعة ودورهما الوقائي :

في خطبة الجمعة لهذا اليوم والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تطرق سيد العربي خطيب المركز ورئيسه بالدرس والتحليل الى موضوع : العفة والقناعة ودورهما الوقائي.

ذالك وبعد أن استهل السيد الخطيب الخطبة بحمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله الأطهار، وقراءة سورة من القرآن الكريم، وتذكير الحاضرين بضرورة تقوى الله مشيراًفي هذا الصدد الى قول أمير المومنين علي عليه السلام : « أيها الناس، اتقوا الله الذي إن قلتم سمع، وإن أضمرتم علم، وبادروا الموت الذي إن هربتم منه أدرككم، وإن أقمتم أخذكم، وإن نسيتموه ذكركم ». عرج على صلب الموضوع من خلال مقدمة نبه فيها الى أن المجتمعات وهي تسعى لتطوير نفسها وتوفير الأمن الغذائي الى منتسبيها، قد تعتري سبلها صعوبات ومعوقات وأزمات... وبالخصوص الاقتصادية منها، ولتجاوزها وتجاوز مخلفاتها الاجتماعية، والاعداد لذالك مسبقاً تجنباً للمفاجآت، فإنه يجب وضع خطة محكمة يكون من ضمن أولوياتها إعداد الفرد إعداداً نفسياً ينسجم مع حجم المأزق.

من هنا فإن الاسلام يطرح القناعة والعفة كقيمتين تربويتين تعملان بالاضافة الى تعزيز مكانة العزة عند المومن، تهييئه للتعامل مع هذا الوضع الصعب، ذالك أن المومن المتصف بالقناعة والعفة، لا شك أن تعاطيه مع الأزمات الطارئة المرتبطة بالاوضاع الاقتصادية الصعبة وأثرها على المستوى المعيشي للانسان، سيكون أفضل بكثير من تعامل غيره مع هذه الأوضاع.

ولقد شجع الاسلام على تمثل القناعة في الذات من خلال روايات متعددة نقتصر على ذكر البعض منها، فقد روي عن أمير المومنين علي عليه السلام قوله : « القناعة مال لا ينفد ». وقوله كذالك : « كفى بالقناعة ملكاً ». وقوله في رواية أخرى : « من رضي من الله باليسير من الرزق، رضي الله منه بالقليل من العمل ».

وكذالك الشأن بالنسبة للعفة، حيث جاء في الروايات، أن : « أول من يدخل الجنة رجل عفيف متعفف ذو عبادة » و « أفضل العبادة العفاف ». وأن « العفاف زينة الفقر ». وروايات أخرى متعددة.

والغاية كما نبهنا الى ذالك هي إعداد المومن لتجاوز العقبات ووقايته من الوقوع في ذل السؤال والطمع والجشع، ووقاية المال العام من طمع وجشع النفوس الغير المبنية على هذا النهج، فالاهتمام بتجاوز الازمات لا يقف في الاسلام عند التفكير في إيجاد المساعدات الاجتماعية للحد من أثر الأزمة، بل يمتد الى الاهتمام بالفرد كي يحسن التعاطي ومن موقع القناعة والعفة مع هذه الاوضاع التي عادة ما تكون عاملاً مساعداً على الانحراف والوقوع في المذلة وارتكاب المحرمات من من تطاول على المال العام والخاص إرضاء للشهوة.

وفي الوقت الذي يمر فيه المجتمع بأزمة اجتماعية طاحنة نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن العديد من المؤسسات الغير الحكومية نذرت نفسها لتوفير المواد الغذائية للأسر المتضررة من هذه الازمة، كما أن الحكومة المحلية والمركزية وغيرها من مؤسسات الدولة، خصصت منحاً لهذه العوائل بغرض التخفيف من آثار هذه الازمة، لذا يحسن بالمومن أن يعي جيداً أن من حقه أن يحصل عن التعويض عن البطالة المترتب عن عدد أيام العمل التي تمت تغطيتها بالاقتطاع من أجره، كما أنه من حقه أن ياخذ المساعدة المترتبة عن استغراق التعويض عن البطالة، لكن باقي المنح الاخرى التي تعطى للمعوزين، فانه لا يحق له أن ياخذها إذا كان يملك مؤنته الشهرية، كما أنه لا يجوز له أن ياخذ المواد الغذائية المخصصة للأسر المتضررة إذا كان يملك ما يسد به حاجته الشهرية، لأن مثل هذه المساعدات، إنما هي تخصص لمن يعجز عن توفير مؤنته الشهرية، ومن يستعمل الحيلة للحصول عليها دون أن يكون محتاجاً، إنما هو ياكل أموال الغير بالباطل المنهي عنه شرعاً كما صرحت بذالك الاية الكريمة : ﴿ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾. البقرة. 188.

لذا فالمومن ينبغي أن يستعين في هذا المقام بالعفة والقناعة... كي يقي نفسه الوقوع في الذل والممنوعات، بل ويجب أن يكون في ذالك نموذجاً ومثلاً لغيره ولو كان محتاجاً حتى يقدم أفضل صورة عن الاسلام والمسلمين يختم السيد العربي خطيب المركز.  

sábado, 7 de junio de 2014

خطبة الجمعة 9.


مفهوم العزة في الاسلام وأساسها الوجودي:

في خطبة الجمعة لهذا الأسبوع والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تناول السيد خطيب الجمعة ورئيس المركز بالدرس والتحليل موضوع : مفهوم العزة في الاسلام وأساسها الوجودي، انطلاقاً من قول الله تعالى : ﴿ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ﴾. المنافقون. 8.

إذ بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي الأكرم والآل الأطهار، وقراءة سورة من القرآن الكريم، وتحريض الحاضرين على تقوى الله سيراً على الهدي النبوي والعترة الطاهرة، نبه السيد الخطيب في هذا الصدد بالتحديد الى ضرورة تنقية القلب وتطهيره باعتباره وعاء للتقوى كما أكد ذالك قوله تعالى : ﴿ أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ﴾. الحجرات. 3.

وأما الخطبة الثانية فقد استهلها السيد خطيب المركز بالحديث عن المنظومات التربوية والقيمية وتعددها واختلافها، ونبه الى أن أساسها الوجودي بالنسبة للعديد منها، يعود بالأساس الى العرف المجتمعي الذي يتعارف الناس عليه مدة من الزمن، ثم يعدونه من الأمور المحمودة لديهم، ثم يضمنونه في قوانينهم للحفاظ عليه وليصبح ملزماً للجميع، وهكذا عند أغلب المجتمعات.. ولا شك أن بعض هذه القيم تتقاطع مع بعض التعاليم الدينية التي يتبناها بعض أفراد المجتمع، فيكون لدين المجتمع دور ولو محتشم في إقرار بعض القيم...

أما بالنسبة للمنظومة القيمية التربوية للمجتمع الاسلامي، فأساسها الوجودي – في معظم جوانبها – هو الدين الاسلامي باعتباره فطرة إنسانية، ﴿ فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها ﴾. الروم. 30. بحكم أن الدين هنا هو من يعمل على توجيه الانسان نحو تكامله الانساني تبعاً للمعرفة الدقيقة بالانسان ووجدانه...

من هنا وبالعودة الى قيمة العزة التي هي أساس موضوعنا، والى النموذج التي طرحته الاية الكريمة ﴿ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ﴾. المنافقون. 8. والتي تحدثت عن العزة كقيمة ضمن منظومتين مختلفتين، حيث طرحها سياق الآية ضمن منظومة خارجة عن الاسلام مثلها النفاق في هذه الحالة، وذالك في قوله تعالى : ﴿ لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ﴾. المنافقون. 8. إذ أن الاعتزاز بالنفس في هذه المنظومة أساسه العامل الخارجي أو الموضوعي البعيد عن الذات، والمتمثل في الجاه والحسب والنسب والولد والمال والرئاسة... وهي أمور بالاضافة الى هشاشتها لكونها قد تتعرض للزوال في أية لحظة ولكونها لا قوة لصاحبها في إيجادها وفي التحكم في استمرارها، فإن من شأنها أن تخلق تفاوتاً طبقياً قد ينتهي بالمجتمع الى حالة تصدع تهدد وجود كيانه.

في حين يضيف السيد خطيب المركز، جاء الرد سريعا من القرآن الكريم ليعلن أن العزة لله ولرسوله وللمومنين، وليؤسس لمفهوم آخر للعزة ضمن منظومته القيمية، حيث اعتبر أن أساس العزة في الاسلام هو ذاتي، ينطلق وجوده وإيجاده من عبادة الله العزيز، ذالك ان العبادة في جوهرها هي عملية تربية للنفس وتقوية لها في مواجهة جميع أشكال الابتزازات الخارجية من شهوات ومغريات... كما أنها كذالك، تهدف الى خلق إنسان حر يملك إرادة حرة على جميع المستويات، ولا يُخضِع رقبته لأي إنسان آخر مهما كان مستواه، وإنما يَخضع ويتذلل لله وحده، وهو في ذالك يتساوى مع جميع المخلوقات، ومن هذه الفلسفة يستقي عزته وشموخه وإباءه... وهذا يعني أن أساس وجود العزة في المنظومة الاسلامية هو ذاتي، يعود الى ذات الانسان نفسه والتي تخصع لعملية تربية محددة تجعل النفس طوع صاحبها وليس العكس، وهذا يعني كذالك أن العزة بهذا المفهوم وهذا الاساس، هي بالاضافة الى كونها في متناول كل إنسان، فهي تنسجم مع قيمة الكرامة الانسانية من حيث هو إنسان.

من هنا اعتبر الاسلام أن العزة بالنسبة للمومن به، هي من القواعد العامة التي لا يجوز التنازل عنها أو الاتفاق على مخالفتها، وهذا ما نستقيه من الاية الكريمة التي تؤكد على أن العزة لله ولرسوله وللمومنين، وهو ما يعكسه حديث الامام الصادق سلام الله عليه : « إن الله تبارك وتعالى فوض الى المومن أموره كلها، ولم يفوض اليه أن يذل نفسه، ألم تر قول الله سبحانه ههنا : ﴿ ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ﴾. »

ليختم السيد الخطيب خطبته ببعض التوصيات المتعلقة بكيفية معالجة بعض القضايا التي تعتري الانسان في حياته والتي من شأنها أن تعرض عزته الى السقوط.

من ذالك أن يتريث المرء في إطلاع محيطه على أسراره كما ورد ذالك في كلام الامام الصادق سلام الله عليه : « ولا تخبر الناس بكل ما أنت فيه فتهون عليهم ».

وأن يكون وسطي الشخصية في التعامل مع محيطه، لا بالفظ الغليظ ولا بالواهن كما جاء في رواية عن الامام الصادق سلام الله عليه : « ولا تكن فظاً غليظاً يكره الناس قربك، ولا تكن واهناً يحقرك من عرفك ».

فالمومن وخاصة في محيطنا هذا ذي التعددية والتنوع الثقافي، يجب أن يحرص على عبادة الله التي من شأنها أن تجعله يتمثل في ذاته قيم المنظومة التربوية الاسلامية... التي تخلق منه إنساناً عزيزاً محترماً في وسطه كما نبه الى ذالك القرآن الكريم : ﴿ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾. آل عمران. 139.

martes, 3 de junio de 2014

أنشطة 1








حفل تقديم كتاب :

تم كما كان مرتقباً يوم السبت الماضي تقديم كتاب « قصتي مع الغدير » لمؤلفه السيد العربي البقالي الحَسَني، وذالك بمقر مركز الامام الهادي ببرشلونة، والكتاب هو من إصدارات المركز، وقد حضر فعاليات هذا التقديم عدد من الاخوة، وكان هذا النشاط هو الأول ضمن سلسلة من الانشطة التي ستشهدها لاحقاً أماكن أخرى في سياق نفس الفعاليات ولنفس الغاية.

lunes, 2 de junio de 2014

خطبة الجمعة 8



مكانة القرآن وأهله :

في خطبة الجمعة لهذا الاسبوع والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تناول سماحة السيد خطيب الجمعة بالمركز بالدرس والتحليل موضوع : القرآن ومكانة أهله، وذالك بعد أن دعا الحاضرين في الخطبة الاولى -  بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله، وتلا سورة من القرآن الكريم  - الى تقوى الله في الرحم، والاهتمام بأولي الأرحام وصلتهم، لما لذالك من أهمية – بعد الامتثال لأمر الله -  في الحفاظ على النسل البشري قائما باعتبار أن القطيعة التي قد تمس الاقارب من شأنها ضرب الأسرة التي هي النواة الأساسية للمجتمع، ومن ثم تهديد النسل بالتوقف.

وفي الخطبة الثانية بدأ سماحته بالحديث عن مكانة القرآن وأهميته، إذ بالإضافة الى التنبيه الى أن القرآن هو كلام الله المنزل على الرسول الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، والمصدر الأول من مصادر التشريع الاسلامي... فإن القرآن الكريم عرف نفسه أو قدم نفسه – ومن خلال آيات كثيرة – بتقديمات متعددة نقتصر على البعض منها، فنقول يضيف سماحة الخطيب بأن القرآن هدى ورحمة. ﴿ وإنه لهدى ورحمة للمومنين ﴾. النمل. 77. وأنه شفاء. ﴿ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمومنين ﴾. الإسراء. 82. وأنه نور يستنير به الانسان. ﴿ قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين  ﴾. المائدة. 15. وأن القرآن يبين للناس شؤونهم الدنيوية وطريقهم الى الآخرة. ﴿ وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم  ﴾. النحل. 44.  وأنه يهدي الى الطريق المستقيم. ﴿ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ﴾. الإسراء. 9. ليختم هذه السلسلة من الأوصاف بالتنبيه الى أن هذا القرآن تكفل الباري بحفظه لتنهل منه كل الأجيال عبر كل الأزمنة والأمكنة حتى يرث الله الارض ومن عليها. ﴿ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ﴾. الحجر. 9.

فهذا كله يؤكد قيمة القرآن في حياة الناس سواء من الجانب التشريعي أو الاجتماعي أو التاريخي أو النفسي... ولذالك أو صى النبي الأكرم المومنين بالحرص على تعلمه وتعليمه لما في ذالك من فائدة دنيوية وأخروية عبر الكثير من النصوص النبوية الشريفة، من ذالك قوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام : « تعلموا القرآن، فإن مثل حامل القرآن كمثل رجل حمل جراباً مملوءً مسكاً، إن فتحه فتح طيباً، وإن أوعاه أوعاه طيباً ». وقوله : « ما من رجل علم ولده القرآن الا توج الله أبويه يوم القيامة تاج الملك، وكسيا حلتين لم ير الناس مثلهما ». وقوله صلى الله عليه وآله : « من علم ولده القرآن، فكأنما حج البيت عشرة آلاف حجة، واعتمر عشرة آلاف عمرة... ». وقوله الشريف : « ألا من تعلم القرآن وعلمه وعمل به، فأنا له سائق الى الجنة، ودليل الى الى الجنة ». وقوله عليه الصلاة والسلام : « لا يعذب الله قلباً وعى القرآن ».

ونفس الأمر يضيف سماحة الخطيب أكد عليه الأئمة الأطهار سلام الله عليهم، حيث ورد عن أمير المومنين علي سلام الله عليه قوله في هذا الصدد : « تعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص ». كما كان سلام الله عليه يحث أصحابه على تعلم القرآن، حيث روي في ذالك أنه وفد عليه عليه والد الشاعر الفرزدق رفقة ابنه هذا، فسأله الامام عليه السلام :

من أنت؟

فقال الرجل : غالب بن صعصعة المجاشعي.

فقال الامام : أنت ذو الابل الكثيرة؟

فقال غالب : نعم.

فقال الامام : ما فعلت إبلك؟

قال غالب : أذهبتها النوائب، وذعذعتها الحقوق.

فأجابه الامام : ذالك – إذهاب الحقوق لها – خير سبيلها.

ثم التفت الامام الى غالب وقال : من هذا الفتى الذي معك؟ وأشار الى الفرزدق. فأجاب غالب : إنه ابني، وهو شاعر.

فقال الامام عليه السلام : علمه القرآن فهو خير له من الشعر.

فاستجاب الفرزدق للنصيحة وحفظ القرآن الكريم في سنة واحدة بعد أن قيد نفسه في الأغلال للغاية نفسها. وفي ذالك أنشد قائلا :

وما صب رجلي في حديد مجاشع *** مع القدر الا حاجة لي أريدها

ولقد تمثل المغاربة ومنذ تاريخ قديم يضيف السيد خطيب المركز هذه التعاليم في أنفسهم، ووعياً منهم بقيمة هذهى الوصايا، أولوا عناية فائقة بالقرآن الكريم تعليماً وتعلماً، إذ أن كل التراب المغربي بمدنه وقراه ومداشره، أحياءه الشعبية والرسمية... كانت تعج بالكتاتيب القرآنية، وكان المرور بالكتاب القرآني دأب كل الفئات الاجتماعية التي ترغب في الحصول على مستوى علمي محدد، إذ كان من الصعب جداً تصور وجود شخص يتأهب لتعلم العلوم الشرعية دون أن يكون حافظاً للقرآن الكريم، بل إن حفظ القرآن الكريم كان شرطاً أساسياً لولوج المؤسسات التي توفر للطلبة فرصة ولوج أسلاك التعليم الشرعي سواء الرسمية منها أو غيرها. وكان العديد من المعلمين يهبون أنفسهم لتحفيظ التلاميذ القرآن الكريم، وكان الناس يتفانون في تقديم لقمة العيش لهؤلاء المعلمين، ولا زالوا على هذا النحو،  وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على حب المغاربة للقرآن الكريم، واستيعابهم لوصايا النبي والأئمة في هذا المجال، ولهم في ذالك تاريخ قديم يمتد الى دولة الأدارسة، ولا يمكن لأمة أن تزايد عليهم في هذا المجال أو تعطيهم الدروس في ذالك، ولقد شهد القاصي قبل الداني على كل علو كعب المغاربة في ذالك، بل إن المغاربة كانوا دائماً ينزلون حافظ القرآن الكريم منزلة خاصة قبل غيره من الناس، بل ان حفظ القرآن الكريم كان المعيار الأساسي عندهم في تمييز العالم من غيره إن تساو الناس في إتقان باقي العلوم الأخرى، وكل ذالك لم يكن من بدعهم، وإنما من شدة حرصهم على امتثال أوامر النبي والعترة الطاهرة.

لكن ما نراه اليوم يقول سماحة الخطيب من هرولة نحو قيم أخرى كان البعد الطائفي حاسماً في تثبيتها، هو انسلاخ عن هوية الأمة، وهو أمر لا يأمر به شرع أو يوصي بها مذهب، وإنما هو تقليد أعمى واستنساخ لثقافة وبيئتها يتجاوز أمر التقليد في الأحكام الشرعية، حتى أنه سار من العرف السائد بين الناس، أنه لا علم الا العلم الذي يصدر من جهة مخصوصة، ولا عالم الا ذلك الذي يلبس زياً مخصوصاً لا يحاكي الثقافة المغربية وكأن ذالك اللباس شهادة في حد ذاتها.

ليختم سماحة الخطيب خطبته بمثال في المقام حيث يقول : لو تقدم الى الناس رجلين من نفس المدرسة وبنفس المرتبة العلمية و القدرة على ممارسة التثقيف الديني، أحدهما خريج جامعة الأزهر والآخر خريج النجف الأشرف أو قم المقدسة، مع تفوق الأزهري بحفظه للقرآن الكريم، لقدم الناس للخطبة من تخرج من النجف... مع أنه ينبغي تقديم الأزهري في هذا المقام تكريماً للقرآن الذي يحمله، ولتكريم القرآن له تبعاً لما ورد عن النبي الأكرم في الحديث الشريف : « خيركم من تعلم القرآن وعلمه ».