Translate

miércoles, 30 de julio de 2014

خطبة الجمعة 15


شهر رمضان : محطة تزود للانطلاق نحو المستقبل

 

في خطبة الجمعة الأخير من شهر رمضان والذي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تناول فضيلة السيد العربي البقالي الحَسَني خطيب المركز بالدرس والتحليل، موضوع : شهر رمضان محطة تزود للانطلاق نحو المستقبل، حيث وبعد الثناء على الله وحمده وشكره، والصلاة على النبي وآل بيته الأطهار، وقراءة سورة من القرآن الكريم، وتذكير الحاضرين بأهمية تقوى الله في حياة المومن.

استهل فضيلته الخطبة الأولى بالحديث عن كون شهر رمضان بما يحمل من كرم إلهي لا يحصى ولا يعد، وبما يحمل من أجواء عطرة ملؤها العفو والمغفرة والعتق من النار... غايته في ذالك ليس الشهر لذاته، وليست المناسبة لذاتها، وإنما تخصيص هذا الشهر الكريم لإعداد المومن إعداداً جيداً لمواجهة المستقبل، لأن حياة المومن مليئة بالتحديات، ولتخطي هذه التحديات، لا بد من استعداد نفسي وروحي وبدني يكون في مستوى التحديات المطروحة، من هنا كان هذا الشهر الكريم مناسبة خاصة، وتربصاً ميدانياً يتدرب فيه المومن على كيفية مواجهة الصعاب والتحديات، ومن ثم تخطيها بوعي كامل وعقلية مستوعبة لمتطلبات المرحلة، ومحطة يتزود منها لا ستشراف المستقبل بنفس مطمئنة.

فالعبادة كما نعلم جميعاً لا تنحصر غايتها في جمع الحسنات وادخارها ليوم الحساب، وإنما غايتها أيضاً تربية العابد ليكون إنساناً قادراً على فهم محيطه وإتقان التحرك داخله، حتى يكون في مستوى الرسالة التي يحملها، وليتمكن بذالك من أدائها على أحسن وجه، كما أن الجانب العبادي لا ينحصر بزمان أو مكان محددين من حياة المومن، بل إن حياة المومن كلها عبادة بما فيها الأمور ذات الصبغة أو الصورة الدنيوية : ﴿ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ﴾. الأنعام. 162. 163.

من هنا فكل ما ورد من المكرمات في شهر رمضان، وإن كان زمانها شهر رمضان المعظم، فإن آثارها جعلت لتتجاوز هذا الشهر وتستمر مع الانسان طيلة حياته، وهذا ما نفهمه من كثير من المقتطفات الواردة في خطبة النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام في استقبال شهر رمضان، من ذالك توجيهه للمومنين بالتضرع الى الله بالدعاء كي لا يصد في أوجههم أبواب الجنان المفتحة في هذا الشهر، وهذا يعني توفيقهم الى العمل بعمل أهل الجنة في شهر رمضان والاستمرار على ذالك خارجه حتى يلقوا الله وهم على ذالك الحال، وهكذا مع جميع العبادات الواردة في هذا الشهر والتي تهدف الى تشجيع الصائم من خلال العفو عن جرائمه السابقة وإسقاط ما علق من ذنوب في ذمته حتى ينطلق بنفس جديد وسيرة خالية من كل الشوائب، وحتى يظهر اجتهاداً ومثابرة ما دامت الذمة أصبحت خالية، وما دامت هناك فرصة للاندماج من جديد في النسيج الاجتماعي المومن الصالح، والذي لا يتأتى الا بالعزم على المضي بنفس الاجتهاد الذي أظهر عنه في شهر رمضان، والذي يجب على الصائم أن لا يكون تعاطيه معه تعاطي انتهازي، والا فإنه سيكون أساء الفهم لمغزى ومضمون العمل في شهر رمضان وجوائزه التي لا حصر لها ولا عد، والذي ليس سوى محطة لاستشراف المستقبل بكاهل خال من حمل الذنوب التي تقيد حركة المومن في الطريق الى الله.

وأما في الخطبة الثانية، فقد تحدث فضيلته عن الاستعدادت لأجواء العيد، والكيفية التي يجب أن تكون عليها، بدءً من إخراج زكاة الفطر والتي يجب أن تكون معبراً وقنطرة من خلالها يتم إشراك المعوزين في أجواء العيد الذي هو قبل كل شيء جو فرح وسرور، كما ينبغي وضمن محيطنا المتسم بالتنوع والتعدد، إشراك الجيران في معنى العيد وأجوائه، وذالك بتوجيه الدعوات لهم للمشاركة في احتفالات العيد، أو إعطائهم بعض ما يعد خصيصاً لهذه المناسبة من الطعام والحلويات، وتقديم شروحات لهم بشأن مضامين العيد سواء في بعده الديني أو الثقافي... خدمة لقضايا التعايش والتسامح والتواصل... والتي يوليها الاسلام عناية خاصة من أجل ضمان استمرار العنصر البشري.

إن العيد يضيف فضيلة السيد، هو تعبير صادق عن الانخراط في أجواء شهر رمضان وفهمها في عمقها، ولذالك ورد في رواية عن أمير المومنين علي عليه السلام : أن في هذا اليوم يثاب الفائزون ويخسر المبطلون، والفائز دائماً مطالب بإظهار كفائته في معرفة الحفاظ على التتويج وعدم إضاعته، وتطوير الأداء بشأنه للحصول على مراتب أعلى، وهذا لن يتأتى الا بالوعي بأن شهر رمضان ليس غاية، وإنما هو محطة لها ما قبلها وما بعدها يختم فضيلة السيد.

  

martes, 22 de julio de 2014

خطبة الجمعة 14


ذكرى استشهاد أمير المومنين علي عليه السلام :

في خطبة الجمعة لهذا الاسبوع والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تطرق فضيلة خطيب المركز سيد العربي البقالي الحَسَني الى ذكرى استشهاد أمير المومنين علي عليه السلام، إذ وبعد حمد الله والثناء عليه بما يليق بجلاله وعظمته، والصلاة على محمد وآله الأطهار، وتلاوة سورة من القرآن الكريم، وتحريض الحاضرين على تقوى الله عز وجل سيراً على الهدي النبوي.

افتتح فضيلته الخطبة الاولى بالتعرض لهذه الذكرى الأليمة وذالك بالتذكير ببداية حياة صاحبها أمير المومنين علي عليه السلام ونهايتها، حيث سارت كلها في نسق واحد وفي سبيل واحد منذ أن تعرف عليه الناس وهو طفل يصلي بجوار الكعبة المشرفة الى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسيدة خديجة عليها السلام، كما عكس ذالك كعب ابن زهير في أحد أشعاره :

صهر النبي وخير الناس كلهم *** وكل من رامه بالفخر مفخور

صلى الصلاة مع الأمي أولهم *** قبل العباد ورب الناس مكفور

والى أن ختم ذالك بالشهادة في المحراب وبقولته المشهورة : فزت ورب الكعبة دون أن يغير أو يبدل، فالناس تعرفوا عليه ساجداً وودعوه ساجداً.

لكننا وعملاً بشعار : تلازم العِبْرَة والعَبْرَة، وأخذاً بعين الاعتبار طبيعة البيئة والمحيط، فإننا يضيف فضيلة السيد لن نجد أفضل في هذه الذكرى الغالية من أن نعيد رفع شعار : « الناس صنفان : إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ». ونعمل على تنزيله الى أرض الواقع، ذالك أنه وبعد أن أعطيت صور متعددة عن الاسلام، أساءت في مجملها الى الاسلام من حيث تقصد أو من حيث لا تقصد، فلقد آن الأوان للاشتغال وبجد من أجل محو هذه الصورة من أذهان الناس واقتلاعها من الواقع، وليعلم الجميع أن دين الاسلام هو ليس دين إقصاء، ولا ينتصر لطائفة أو لمذهب بعينه، بل هو دين إنساني يسمو فوق الاعتبارات الطائفية والمذهبية، بل إن دين الاسلام هو فطرة إنسانية موجودة في أعماق كل الناس، المومن به وغير المومن به، وعلى هذا فإن الاستفادة منه يجب أن تعم الجميع ودون استثناء، وهذا ما يعكسه قول الله عز وجل : ﴿ وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ﴾. الأنبياء. 107. وهو ما جاء قول الإمام عليه السلام ليؤكده من خلال كلامه الذي بين أيدينا، وهذا هو معنى قولنا دائماً ان الامام هو : عدل القرآن.

لذالك فالمهمة الملقاة على عاتقنا في الوقت الراهن، هي مهمة مزدوجة، لا تقتصر فقط على إبراز تعاليم الاسلام المحمدي الأصيل، الذي ينسجم تماماً مع كثير من قيم محيطنا ومجتمعنا الذي نعيش فيه ونشكل جزءً منه، كقيم المساواة والحرية والعدالة والتعددية والتعايش والتسامح والاحترام المتبادل... والذي جاء قول الامام في هذا الصدد ليلخصها في جملة رائعة، وإنما أيضاً إزالة ما علق بهذا الاسلام من مفاهيم مغلوطة لا تمت له بصلة. فالساحة ملغومة، وعلينا كسح هذه الألغام قبل كل شيء، ثم زرع الورود عوض هذه الألغام، وهي مهمة معقدة نوعاً ما، تقتضي منا أن نتمثل هذا الشعار في الذات، ونحياه أينما حللنا وارتحلنا، ليسهل علينا بعد ذالك نقله الى الواقع حتى يصبح الاسلام رافداَ من الروافد المتعددة للمجتمع، يدافع المجتمع نفسه عنه كدفاعه عن جزء من مكوناته.

بهذا فقط، يمكننا أن نعرب حقيقة عن عمق موالاتنا لأمير المومنين علي سلام الله عليه، حينما نعمل على نشر قيم دولته التي وإن لم تعمر طويلاً، لكنها استطاعت أن تكون مضرب الأمثال ومرجعاً ضمن الانظمة السياسية التي حققت العدل بين جميع مواطنيها دون النظر الى أديانهم أو أعراقهم أو أصولهم.

وأما الخطبة الثانية، فقد تحدث فيها فضيلة السيد عن أن أهم عربون حب ووفاء للإمام علي عليه السلام في ذكراه هذه، هو اعتبار أن وصيته التي أوصى بها الى الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام وباقي أبنائه قبيل رحيله، والمتعلقة بتقوى الله والسير على هدي النبي والعترة، هي وصية لنا أيضاّ، يعنينا كل ما جاء فيها، ويجب أن نلتزم بذالك في السراء والضراء، وأن لا نحيد عنها قيد أنملة، حتى يُصدق العملُ كل الشعارات التي نرفعها، ﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ﴾. آل عمران. 31. والا فإن كل انتماء لا يترجم الى اتباع من ننتمي اليه، يظل مجرد شعار زائف، ومزايدة طائفية سرعان ما تنهار عند أول امتحان، كما كان شأن أولئك الذين دعوا الامام الحسين عليه السلام للقدوم الى العراق من أجل مبايعته، ثم ما لبثوا أن اختبأوا في بيوتهم، أو الخوارج الذين كانوا في صف الامام ثم خرجوا عليه ليتعبدو الله في النهاية باغتياله...

من هنا فالتخلق بأخلاق الامام والاقتداء بتعاليمه... هو عربون عن الوفاء له، والالتزام بنهجه الذي هو نهج الله ورسوله الأكرم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام يختم فضيلة السيد. 

domingo, 13 de julio de 2014

خطبة الجمعة 13


خطبة استقبال النبي الأكرم لشهر رمضان 3

في خطبة الجمعة لهذا الأسبوع والتي أقيمت بمركز الإمام الهادي ببرشلونة، تابع فضيلة سيد العربي البقالي الحَسَني خطيب المركز ورئيسه، الحديث عن مضامين خطبة النبي الأكرم في استقبال شهر رمضان، ذالك وبعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله الأطهار، وقراءة سورة من القرآن الكريم، وتذكير الحاضرين بأهمية التقوى كزاد يتزود به المومن في سفره الى الدار الأخرى.

استهل فضيلة السيد الخطبة الأولى بالفقرة المتعلقة بالاستغفار من خطبة النبي الأكرم : « أيها الناس : إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم، ففكوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم... ». حيث ركز حديثه على مضمون الاستغفار وأهمية موقعه في حياة المومن، إذ نبه الى أن الاستغفار يتجاوز تلك الكلمات التي نتلفظ بها، ولا ينحصر في عددها وتكرارها، وإنما الاستغفار في عمقه يعني محاسبة النفس، وذالك بتخصيص وقت لها للاستماع اليها، والوقوف عند منجزاتها وإخفاقاتها، ثم أخذ القرار بمحاولة تدارك ما تم الإخفاق فيه، وتطوير الأداء بشأن المنجزات، والعزم على تجاوز محل الإخفاق والامتناع عن العودة الى ارتكابه واقترافه، لذالك كان أعظم أوقات الاستغفار هو السحر، حين ينفرد الانسان بنفسه ويختلي بها، في غياب مؤثرات الأسرة والمحيط، ﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾. آل عمران. 17. ﴿ وبالأسحار هم يستغفرون ﴾. الذاريات. 18. ليحمل خلاصة عمل الانفراد بالذات ومحاسبتها، ليتوجه به الى الله في خلوته معترفاً بما صدر منه، ومظهراً الندم على ذالك، طالباً التوبة من الله ليتوب عليه ﴿ ثم تاب عليهم ليتوبوا، إن الله هو التواب الرحيم ﴾. التوبة. 118. ويعينه على تدارك ذالك وعدم العودة اليه، وهذا ما نفهمه من إحدى فقرات دعاء كميل : « وقد أتيتك يإلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، معتذراً نادماً منكسراً مستقيلاً، مستغفراً منيباً... ». إذ أن الاشارة في ذالك واضحة الى أن الانسان قد قصد ربه بعد أن قام بمحاسبة النفس وخلص الى ما خلص اليه من تقصير، وهذا يجسد في الواقع عمق الاستغفار وحقيقة الوعي بأبعاده التي تتجاوز البناء اللفظي.

وهذا هو كنه الاستغفار الذي يفك أغلال وقيود الذنوب التي حولت النفس الى رهينة نتيجة الأعمال الطالحة التي تنتج الذنوب بشتى أنواعها.

كما أن الأوزار والخطايا من شأنها أن تثقل كاهل الانسان وظهره إذا ما عمل على مراكمتها، غير أنه يضيف فضيلة السيد لا بد من الوعي، ان منشأ هذا التراكم، هو تطبيع النفس مع الخطايا، وهي أخطر عملية يمكن أن تتعرض لها نفس الانسان، أن تستحلي طعم الخطيئة بعد تزيين الشيطان لها ذالك، فتصبح هذه النفس هي أول المدافعين عن الخطأ والمقاوِمة لأية عملية إصلاح له، فتصير من الآمرين به بعد أن تتعود على حلاوته، لذا كان في إطالة السجود الذي يفترض أن يكون العبد فيه قريباً الى ربه، يدعوه فيه بنية صادقة وقلب طاهر، نتيجة الاستغفار القبلي، - وهنا حكمة مجيء تخفيف الوزر بطول السجود بعد تحرير النفس بالاستغفار من حيث الترتيب في خطبة النبي الأكرم – علاج لمعضلة الأوزار المثقلة للظهور والمكبلة لحركة الانسان، وذالك لما يخوله هذا القرب من استجابة الدعاء.

وأما الخطبة الثانية، فقد خصصها فضيلة السيد للفقرة المتعلقة باغتنام الفرص من الخطبة النبوية الكريمة، : « إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة، فسلوا ربكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلقة، فسلوا ربكم أن لا يفتحها عليكم... ». حيث نبه فضيلته الى أنه من كرم الله على ضيوفه الصائمين، أن تكرم عليهم بهدايا عظيمة لا يتسع لها الا كرمه، من قبيل جعل النفَس تسبيح، والنوم عبادة، والعمل مقبول، والدعاء مستجاب... من شأن المرء وبمجهود متواضع أن يحصل عليها فضلاً عن مضاعفة الجهد، ومن شأنها كلها أن تفتح أبواب الجنان في وجه الصائم العامل بمقتضى الصوم، وتصد أبواب النيران في وجهه، وتقوده الى النعيم الأبدي، لذا كان المطلوب من المومن أن يفهم من هذه الفقرة بالتحديد، أن آثار أعمال الصائم في هذا الشهر، يجب ان لا تتوقف عند هذا الشهر، بل ينبغي أن تصبح سلوكاً دائماً له بعد أن يكون الصوم قد لعب في حياته دور المربي، من هنا فإن عمله يصبح من عمل أهل الجنة منذ شهر رمضان، ويجب أن يستمر على ذالك والى أن يلقى الله تعالى، وهذا هو مضمون هذه الفقرة بالتحديد والمتعلق بسؤال إبقاء أبواب الجنان مفتحة في وجه الصائمين.

لذا كان من الطبيعي يضيف فضيلة السيد اغتنام فرص شهر رمضان، والتعاطي معه بوعي يفهم أن هذا الشهر الكريم، هو شهر تعبئة من أجل مواجهة ما تبقى من السنة ومن العمر بروح طاهرة، وعقل واع بمضمون هذه الحياة ودور المرء فيها، وإعلان القطيعة مع الماضي بكل أشكاله، وخاصة المراحل السلبية منه، والانطلاق نحو المستقبل ببدن وروح جديدين تزودا من الشهر بكل ما من شأنه أن يعين المرء على نجاحه في مسيره الطويل، فالطريق الى الجنان ترسم ههنا، وأبوابها تفتح من هنا وليس في الآخرة، بمعنى آخر، ما تريد هذه الفقرة بالخصوص التنصيص عليه، هو أن مصير الانسان يصنع هنا في هذه الدار، وقرار المصير يؤخذ في هذا الشهر العظيم، شهر ليلة القدر الذي يفرق فيها كل أمر حكيم.

على أن كل ذالك يختم فضيلة السيد يبقى دون طعم إذا لم يتجاوز أثر الصوم صاحبه ليطال كل المجتمع، بكل طبقاته وأطيافه وأعراقه، ويتحول الى رسالة تعين على إقرار الاسلام كرافد من روافد المجتمع، لأن المومن يجب أن تعكس تقواه، أعمالُه لا أقواله، وشهر رمضان يبقى أحسن فرصة لذالك.

viernes, 11 de julio de 2014

أنشطة 2














في سياق تفعيل مشروعه المجتمعي وتنزيله الى أرض الواقع، وبهدف إشراك باقي مكونات المجتمع أفراداً ومؤسسات في أجواء رمضان الكريم، أقام مركز الإمام الهادي ببرشلونة أمس الخميس الواقع في 10 من شهر يوليوز لسنة 2014، حفل إفطار على شرف الجيران بالشارع العام بعد استدعاء الجميع لذالك، وقد لبى هذه الدعوة الجميع وعلى رأسهم عمدة البلدية ونائبة العمدة... وقد تجاوز الحضور الذي مثل كل الأطياف الدينية والسياسية والاجتماعية وكل الأعراق... كل التوقعات، وقد عرف هذا اللقاء نجاحاً منقطع النظير تمثل فيه بوضوح شعار المركز الذي رفعه في هذا الشهر،  شهر رمضان المبارك، والمتمثل في : الصوم يمشي واقعاً بين الناس.
وقد ابتدئ النشاط بكلمة للسيد العربي البقالي الحَسَني رئيس المركز وخطيبه باللغة الكاطالونية، رحب فيها بالحاضرين وشكرهم على حضورهم، ثم شرح لهم المغزى من هذا اللقاء، وأطلعهم على أجواء يوم الصوم، ومعنى وجبة الإفطار في يوم الصيام، كما نبه الى أن ما وضع بمائدة الطعام من طعام وشراب، له ارتباط بأعراف وتقاليد البلدان الاسلامية أكثر من ارتباطه بالدين، وتمنى في الاخير للجميع أن يقضوا أوقاتاً ممتعة بهذه المناسبة.
وأما السيد عمدة المدينة، فكانت له كلمة بالمناسبة ختم بها هذا النشاط، حيث عبر عن سعادته وامتنانه لمشاركة المركز والمسلمين هذه المائدة، وأبدى عن رغبته ورغبة الادارة الذي يمثلها في التعاون مع المؤسسة لما فيه المصلحة العامة، وشكر بحرارة المركز على دعوته هذه، ونجاحه في تنظيم هذا اللقاء المتميز الذي يصب في خدمة التعايش...
أما باقي الحاضرين، فقد عبروا عن فرح وسعادة منذ الوهلة الاولى والى آخر لحظة، للحفاوة التي استقبلوا بها، وثمنوا هذه الخطوة، وطلبوا أن يكون هناك المزيد من أمثالها.
ليختم اللقاء في النهاية بكلمة شكر من لدن رئيس المركز وجهها الى كل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء. 

sábado, 5 de julio de 2014

خطبة الجمعة 12



خطبة استقبال شهر رمضان 2 :

في خطبة الجمعة ليوم أمس والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، تابع فيها فضيلة سيد العربي خطيب المركز ورئيسه، الحديث عن خطبة النبي الأكرم (ص) في استقبال شهر رمضان.

ذالك وبعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله، وقراءة سورة من القرآن الكريم، ودعوة الحاضرين الى ضرورة التحلي بتقوى الله عز وجل، استهل فضيلة السيد الخطبة الاولى بالحديث عن الفقرة المتعلقة بالتذكر : « ... واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ». حيث نبه الى أنه من العبر التي يجب استخلاصها من صيام شهر رمضان، الوقوف عند حالة الجوع والعطش التي تنتاب الانسان وخاصة في فصل الصيف هذا الذي تصل ساعات الصيام فيه في بعض الأماكن الى ثمان عشرة ساعة أو يزيد، ودرجة الحرارة تصل الى ما بين الثلاثين والأربعين درجة، حيث هذا العناء الصغير إذا ما قورن بعناء يوم الحساب، يجب أن يذكر الصائم بجوع وعطش ذالك اليوم الذي لا ينتهي، يوم الوقوف بين يدي الله، يوم الحساب والاطلاع على المصائر، ذالك اليوم الذي أشار القرآن الكريم اليه بقوله : ﴿ وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾. الحج. 47. فحالة جوع وعطش الصائم يجب ان لا تمر عليه مرور الكرام، وإنما ينبغي الوقوف عندها بنوع من التأمل والتدبر والتفكر، ليتذكر الصائم بها جوع وعطش يوم القيامة، ومن ثم تكون دافعاً له لتجاوز أثر ذالك اليوم المشهود على النفس، ووقايتها من هوله، وذالك بوضع خطة استباقية لتفادي أثره وشدة هوله، إذ أن عمق التذكر ينبغي أن يقود الى ذالك، ولا يعني بأي حال من الأحوال وضع اليد على الخد والاستسلام لما هو آت. وهذا ما نفهمه من الجمل التي تلي مباشرة الجملة المذكورة أعلاه، حيث جاء فيها : « ... وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم، واحفظوا ألسنتكم... ». فهذه التعليمات كلها أتت مباشرة بعد الدعوة الى التذكر بجوع وعطش الصوم، جوع وعطش يوم الحساب، وهي بذالك لم تأت اعتباطاً يسترسل فضيلة السيد، وإنما جاءت كخطة استباقية رسمت بعناية ودقة لتجاوز عطش ذالك اليوم، بمعنى أن الاقتداء بهذه التعاليم وتطبيقها، لا شك أنه سيقي أثر جوع وعطش ذالك اليوم، من هنا فإن التذكر هذا هو يتجاوز الوعي بالقضية، الى تطبيق عملي يأتي نتيجة ذالك الوعي.

وأما الخطبة الثانية، فقد استهلها فضيلة السيد بالإشارة الى الفقرة المتعلقة بالاخلاق والتي جاء في مطلعها : « من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام ». حيث أشار الى أن قضية الأخلاق، هي قضية محورية في صوم شهر رمضان، ذالك أنه يفترض وبعد قطع هذه الأشواط من تطبيق التعاليم الواردة في الخطبة النبوية الشريفة الى حد هذه الفقرة، أن هذه التعاليم التي هي عبارة عن مرفقات عبادة الصوم، من الطبيعي أن تحدث تأثيراً خارجياً على الصائم، وبالتحديد على سلوكه، هذا التأثير الايجابي المسمى بالاخلاق، يجب أن يطرأعليه تحسناً واضحاً، ذالك وكما نقول دائماً، أن أحد أهداف العبادة هو زرع العامل الخلقي عند صاحبها، ومن ثم كان المطلوب من الصائم أن يحسن خلقه، وباعتبار قيمة ذالك إن على مستوى الصائم أو على مستوى مجتمعه، فإن الجائزة كانت كبيرة بحجم الجواز والمرور على الصراط.

من هنا يضيف فضيلة السيد الخطيب، فإن آثار الصوم يجب أن تتجاوز المومن الصائم، لتمس كل المجتمع بما في ذالك الغير المنتمي للاسلام، فالصائم يجب أن يتحول الى صوم يمشي بين الناس، أن يغادر الذات وأماكن العبادة ليستقر في عمق المجتمع، أن يصير إمساكاً عن الأذى وعن وضع اليد على ما لا يحل وضع اليد عليه، من أموال عامة، وكسوة وطعام... خصصت جميعها لمن يحتاج اليها من الفقراء والمساكين، أن يصبح الصوم بهذا المعنى عنواناً لخلق الصائم، يعمل من خلاله الصائم على ترجمة قول الله عز وجل : ﴿ وما أرسلناك الا رحمة للعالمين ﴾. الأنبياء 107. الى واقع عملي بواسطة صومه، وذالك بإشراك الجيران ما يعيشه من أجواء الصوم، بتخصيص يوم للإفطار خاص بهم، وإطلاعهم من خلال العمل قبل القول على مضامين الصوم وأبعاده، وأن يتحول بذالك الى عنصر فاعل، وعامل قوة بالنسبة لمجتمعه ومن موقع التعددية والتنوع... حتى يتحول الاسلام الى رافد من ورافد المجتمع بما يحمله الصائم الجامع للأخلاق من قيم تتناسب من جهة مع بعض قيم المجتمع، ومن جهة أخرى تعمل في اتجاه حمايته والحفاظ على تماسك نسيجه الاجتماعي.

ليختم فضيلة السيد بالتأكيد على أن الصوم في النهاية، ما هو الا عبادة من العبادات التي أحد أهدافها، تربية الصائم تربية تنعكس على ذاته، لتتعداه فيما بعد لتنعكس إيجاباً على مجتمعه ككل.