Translate
domingo, 13 de julio de 2014
خطبة الجمعة 13
خطبة استقبال النبي الأكرم لشهر رمضان 3
في خطبة الجمعة لهذا
الأسبوع والتي أقيمت بمركز الإمام الهادي ببرشلونة، تابع فضيلة سيد العربي البقالي
الحَسَني خطيب المركز ورئيسه، الحديث عن مضامين خطبة النبي الأكرم في استقبال شهر
رمضان، ذالك وبعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله الأطهار، وقراءة
سورة من القرآن الكريم، وتذكير الحاضرين بأهمية التقوى كزاد يتزود به المومن في سفره الى الدار الأخرى.
استهل فضيلة السيد
الخطبة الأولى بالفقرة المتعلقة بالاستغفار من خطبة النبي الأكرم : « أيها الناس : إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم، ففكوها باستغفاركم،
وظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم... ». حيث ركز حديثه
على مضمون الاستغفار وأهمية موقعه في حياة المومن، إذ نبه الى أن الاستغفار يتجاوز
تلك الكلمات التي نتلفظ بها، ولا ينحصر في عددها وتكرارها، وإنما الاستغفار في
عمقه يعني محاسبة النفس، وذالك بتخصيص وقت لها للاستماع اليها، والوقوف عند
منجزاتها وإخفاقاتها، ثم أخذ القرار بمحاولة تدارك ما تم الإخفاق فيه، وتطوير
الأداء بشأن المنجزات، والعزم على تجاوز محل الإخفاق والامتناع عن العودة الى
ارتكابه واقترافه، لذالك كان أعظم أوقات الاستغفار هو السحر، حين ينفرد الانسان
بنفسه ويختلي بها، في غياب مؤثرات الأسرة والمحيط، ﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾. آل عمران. 17. ﴿ وبالأسحار هم يستغفرون ﴾. الذاريات. 18. ليحمل خلاصة عمل
الانفراد بالذات ومحاسبتها، ليتوجه به الى الله في خلوته معترفاً بما صدر منه،
ومظهراً الندم على ذالك، طالباً التوبة من الله ليتوب عليه ﴿ ثم تاب عليهم ليتوبوا، إن الله هو التواب الرحيم ﴾.
التوبة. 118. ويعينه على تدارك ذالك وعدم العودة اليه، وهذا ما نفهمه من إحدى
فقرات دعاء كميل : « وقد أتيتك يإلهي بعد تقصيري وإسرافي
على نفسي، معتذراً نادماً منكسراً مستقيلاً، مستغفراً منيباً... ». إذ أن
الاشارة في ذالك واضحة الى أن الانسان قد قصد ربه بعد أن قام بمحاسبة النفس وخلص
الى ما خلص اليه من تقصير، وهذا يجسد في الواقع عمق الاستغفار وحقيقة الوعي
بأبعاده التي تتجاوز البناء اللفظي.
وهذا هو كنه
الاستغفار الذي يفك أغلال وقيود الذنوب التي حولت النفس الى رهينة نتيجة الأعمال
الطالحة التي تنتج الذنوب بشتى أنواعها.
كما أن الأوزار
والخطايا من شأنها أن تثقل كاهل الانسان وظهره إذا ما عمل على مراكمتها، غير أنه
يضيف فضيلة السيد لا بد من الوعي، ان منشأ هذا التراكم، هو تطبيع النفس مع
الخطايا، وهي أخطر عملية يمكن أن تتعرض لها نفس الانسان، أن تستحلي طعم الخطيئة
بعد تزيين الشيطان لها ذالك، فتصبح هذه النفس هي أول المدافعين عن الخطأ والمقاوِمة
لأية عملية إصلاح له، فتصير من الآمرين به بعد أن تتعود على حلاوته، لذا كان في
إطالة السجود الذي يفترض أن يكون العبد فيه قريباً الى ربه، يدعوه فيه بنية صادقة
وقلب طاهر، نتيجة الاستغفار القبلي، - وهنا حكمة مجيء تخفيف الوزر بطول السجود بعد
تحرير النفس بالاستغفار من حيث الترتيب في خطبة النبي الأكرم – علاج لمعضلة
الأوزار المثقلة للظهور والمكبلة لحركة الانسان، وذالك لما يخوله هذا القرب من
استجابة الدعاء.
وأما الخطبة
الثانية، فقد خصصها فضيلة السيد للفقرة المتعلقة باغتنام الفرص من الخطبة النبوية
الكريمة، : « إن أبواب الجنان في هذا الشهر
مفتحة، فسلوا ربكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلقة، فسلوا ربكم أن لا
يفتحها عليكم... ». حيث نبه فضيلته الى أنه من كرم الله على ضيوفه
الصائمين، أن تكرم عليهم بهدايا عظيمة لا يتسع لها الا كرمه، من قبيل جعل النفَس
تسبيح، والنوم عبادة، والعمل مقبول، والدعاء مستجاب... من شأن المرء وبمجهود
متواضع أن يحصل عليها فضلاً عن مضاعفة الجهد، ومن شأنها كلها أن تفتح أبواب الجنان
في وجه الصائم العامل بمقتضى الصوم، وتصد أبواب النيران في وجهه، وتقوده الى
النعيم الأبدي، لذا كان المطلوب من المومن أن يفهم من هذه الفقرة بالتحديد، أن آثار
أعمال الصائم في هذا الشهر، يجب ان لا تتوقف عند هذا الشهر، بل ينبغي أن تصبح
سلوكاً دائماً له بعد أن يكون الصوم قد لعب في حياته دور المربي، من هنا فإن عمله
يصبح من عمل أهل الجنة منذ شهر رمضان، ويجب أن يستمر على ذالك والى أن يلقى الله
تعالى، وهذا هو مضمون هذه الفقرة بالتحديد والمتعلق بسؤال إبقاء أبواب الجنان
مفتحة في وجه الصائمين.
لذا كان من الطبيعي
يضيف فضيلة السيد اغتنام فرص شهر رمضان، والتعاطي معه بوعي يفهم أن هذا الشهر
الكريم، هو شهر تعبئة من أجل مواجهة ما تبقى من السنة ومن العمر بروح طاهرة، وعقل
واع بمضمون هذه الحياة ودور المرء فيها، وإعلان القطيعة مع الماضي بكل أشكاله،
وخاصة المراحل السلبية منه، والانطلاق نحو المستقبل ببدن وروح جديدين تزودا من
الشهر بكل ما من شأنه أن يعين المرء على نجاحه في مسيره الطويل، فالطريق الى
الجنان ترسم ههنا، وأبوابها تفتح من هنا وليس في الآخرة، بمعنى آخر، ما تريد هذه
الفقرة بالخصوص التنصيص عليه، هو أن مصير الانسان يصنع هنا في هذه الدار، وقرار
المصير يؤخذ في هذا الشهر العظيم، شهر ليلة القدر الذي يفرق فيها كل أمر حكيم.
على أن كل ذالك يختم
فضيلة السيد يبقى دون طعم إذا لم يتجاوز أثر الصوم صاحبه ليطال كل المجتمع، بكل
طبقاته وأطيافه وأعراقه، ويتحول الى رسالة تعين على إقرار الاسلام كرافد من روافد المجتمع، لأن المومن يجب أن تعكس تقواه، أعمالُه لا أقواله، وشهر
رمضان يبقى أحسن فرصة لذالك.
Suscribirse a:
Enviar comentarios (Atom)
No hay comentarios:
Publicar un comentario