Translate
miércoles, 30 de abril de 2014
تهنئة
تهنئة :
بمناسبة حلول ذكرى ميلاد الامام محمد
الباقر عليه السلام، باقر علوم الاولين والاخرين، والتي تصادف الفاتح من رجب
المرجب، يسر مركز الامام الهادي ببرشلونة أن يتقدم الى الحجة القائم بأمر الله عجل
الله فرجه الشريف، والى عموم الامة الاسلامية بأطيب التهاني وأجمل التبريكات بهذه
المناسبة العطرة.
viernes, 25 de abril de 2014
خطبة الجمعة 3
الزهراء
: عنوان لقيمة المرأة في الاسلام
بمناسبة ذكرى ميلاد
الصديقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، خصص خطيب مركز الامام الهادي ببرشلونة
خطبة جمعة هذا اليوم لهذه المناسبة الكريمة، حيث عنونها بعنوان : الزهراء : عنوان لقيمة
المرأة في الاسلام.
وكعادته استهل سماحة
الخطيب الخطبة الأولى بالاشارة الى أهمية الحضور الى الجمعة، وذالك عبر التنبيه
الى حديث الامام الصادق عليه السلام والذي يقول فيه : « ما
من قدم سعت الى الجمعة الا حرم الله جسدها على النار ». لينتقل بعد ذالك
الى تذكير الحاضرين بتقوى الله وذالك كله بعد حمد الله والثناء عليه والاقرار
بالشهادتين والصلاة على النبي وآله الأطهار، وقراء سورة من القرآن الكريم. إذ تطرق
بعد هذا الى الأزمة الاقتصادية التي يعاني ويلاتها الناس، ونبه في هذا الصدد الى
أن أحد وأهم مخارجها بالاضافة الى الحلول المعهودة والتي يشتغل عليها الجميع، تقوى
الله عز وجل، إذ أن التقوى كما ورد في القرآن الكريم مجلبة للرزق من حيث لا ينتظر
المرء، مستدلاً في ذالك بقوله تعالى : ﴿ ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ﴾.
الطلاق 2. 3.
بعدها انتقل
سماحة الخطيب ليستهل الخطبة الثانية بتحليل الموضوع الرئيسي والمرتبط
بالحديث عن المرأة في الاسلام من خلال الزهراء عليها السلام، حيث قدم لذالك بتوطئة
تعطي صورة عن وضع المرأة قبل مجيء الاسلام، حيث نبه الى أن المجتمع الجاهلي كان
يعتبر المرأة وصمة عار في جبين كل من يزدان فراشه بالأنثى، وقد أشار في ذالك الى
قوله تعالى : ﴿ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه
مسوداً وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، أم يمسكه على هون أم يدسه في
التراب ﴾. النحل 58. 59. فجاء الاسلام ومن خلال النبي الأكرم ليقلب الطاولة
على هذه المفاهيم وذالك بقوله في حق الزهراء : « فداها
أبي وأمي ». لينتقل بذالك بوضع المرأة من عار يجب وأده في التراب، الى كائن
ُيفدى بالأب والأم، وليجعل من ذالك ثورة حقيقية في مجال تحرير المرأة.
على أنه وقبل
الاستمرار في الحديث عن المرأة في شخص الزهراء سلام الله عليها، أراد سماحته أن
ينبه الى أن الاسلام قدم لقيمة المرأة بصفة عامة من خلال بعض النماذج النسوية والتي
شكلت صورة متميزة عن مكانتها، فكانت قصة ملكة سبأ مع نبي الله سليمان عليه السلام
: ﴿ قالت يأيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً
حتى تشهدون ﴾. النمل 32. وآسية زوجة فرعون ومريم ابنة عمران ﴿ وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابني لي
عندن بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين، ومريم ابنت
عمران التي أحصنت فرجها... ﴾. التحريم 11. 12. لـتأتي هذه النماذج لتحدثنا
عن رجحان عقل المرأة وعن عفتها وطهرها وقدرتها على التمايز في لحظات دقيقة يُحتفظ
فيها بالمواقف المتميزة، فكانت المرأة هي من سجلت هذه المواقف.
على أن الزهراء سلام
الله عليها تبقى مع كل هذا نموذجاً فريدا قدمه الاسلام عن المرأة، إذ جمعت في
ذاتها ولوحدها كل هذه المواقف السابقة يتابع سماحة الخطيب، فلقد كان أبوها النبي
الأكرم وهو المبلغ عن الله المشرع، يعاملها معاملة راقية، إذ كما أوردت الروايات
الصادرة عن المسلمين قاطبة، أنه كان إذا دخلت عليه وهو في مجلسه، يقوم لها
ويقبلها، ثم يقعدها مكانه، وكان إذا سافر يجعلها آخر من يودع، وإذا عاد من سفره
يصر على ان تكون أول من يلقاه. وكان يصفها بسيدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل
الجنة، وروحه التي بين جنبيه، وبضعته التي يؤذيه ما يؤذيها. وكان يخبر على أن الرب
يرضى لرضى فاطمة ويغضب لغضبها... كما أن حركيتها في الواقع كلها كانت تؤكد عظمتها
هذه، اذ كانت تهتم بابيها اهتماماً شديداً، فتزيل عنه الغبار اذا عاد من المعارك،
وتغسل قدميه، وتقوم له ان دخل عليها فتقبله وتجلسه مكانها، وتهتم لحال الأيتام...
وقضايا كثيرة يضيق المجال لذكرها تختزل كلها الاسلام في ذات الزهراء سلام الله
عليها، فمن أي قيمة من قيم الاسلام ابتدأت، ستجدها ماثلة في الزهراء سلام الله
عليها يضيف سماحة الخطيب، فهي كانت النموذج المصغر للنبي الأكرم عليه السلام.
ولعظمة المرأة في
الاسلام، يكفي ان نفهم أن المرأة الزهراء كانت حلقة وصل بين النبوة والإمامة،
وأنها المرأة الوحيدة المعصومة التي جعلت مقابل ثلاثة عشر معصوماً ذكراً يؤكد
سماحته.
ليختم كلامه بالقول،
هذه هي قيمة المرأة وحقيقتها في الاسلام من خلال الزهراء، فبأي نموذج تساءل سماحته
ياخذ المسلمون في تعاطيهم مع المرأة في واقعنا الحالي؟ هل بالنموذج الجاهلي الذي
كان يعتبر المرأة عنواناً للذل والعار والهوان، أم النموذج الاسلامي الذي أعز
المرأة وبوأها مكانة مرموقة؟!
لا شك ان الناظر الى حال
المسلمين، سيجدهم في معاملتهم للمرأة أقرب الى المجتمع الجاهلي منه الى الفهم
الاسلامي، ذالك لأن معظم المسلمين يجهلون كل شيء عن قيمة المرأة في الاسلام ما
داموا لا يعرفون عن الزهراء أي شيء، لذا فهم محكومون بالاعراف والتقاليد أكثر من
معرفتهم بإسلامهم الذي يجعل نبيه مستعداً لأن يفدي المرأة بابيه وأمه.
ان المجتمع الذي نعيش فيه لا شك انه خطا خطوات
عملاقة في مجال حقوق المرأة، لذا ينبه سماحته الى ضرورة التفاعل مع معظم هذه
الخطوات الايجابية بالاضافة لها ما يطرحه الاسلام من قيم في سبيل تعزيز مكانة
المرأة، لنجعل الزهراء سلام الله عليها ماثلة في بناتنا ونسائنا وأخواتنا... يكمل
بذالك سماحته حديثه عن المرأة في الاسلام.
miércoles, 23 de abril de 2014
فكر وأدب 2.
الحوار وسبل إنجاحه :
الحوار هو من
العناوين والمفردات المتداولة كثيراً والحاضرة بشدة في الميادين الاعلامية
والسياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية وغيرها، وحضوره القوي هذا يدل على أهمية
وجوده في حياة الفرد والمجتمع إما كأداة لحسم الخلافات أو كويسلة لمد جسور التعاون
والإبقاء على خيوط التواصل قائمة، فالبعض يومن بضرورة وجوده كاستراتيجية، والبعض
الآخر لا يلجأ اليه الا عند استنفاذ جميع الوسائل الأخرى الممكنة، لذالك نجد أن
هناك من يقرأ فيه سلوك العقلاء بحيث يقي من الوقوع في المنزلقات ويُمَكن من الوصول
الى الحل في جو من الهدوء والتفاهم، بينما الآخر يرى فيه أسلوب الضعفاء، بحيث لا
يلجأ اليه الا من لا يأنس في نفسه القوة الكافية لفرض الذات. ونظرة الناس هذه
تحددها هوية المجتمع، فإذا كان المجتمع مجتمع ثقافة وفكر، فبالتأكيد أن الحوار
سينظر اليه بنبل وإكبار، وسيُرى على أنه سلوك حضاري يعبر عن رقي المجتمع وسموه،
وأما إن كان المجتمع مطبوعاً بطابع العنف وذي هوية أمنية، فإنه لا شك أن الحوار
هنا سينظر اليه على أنه ضعف واستسلام وتخادل، ومن هنا فإن تبني الحوار واللجوء
اليه والآثارالمترتبة عنه تتحكم فيه الخلفية الثقاقية للمجتمع وهويته،
بحيث قد يكون الحوار ناجحاً وذا فائدة، أو قد يكون هدراً للوقت وإغراقاً في متاهات
عميقة وإطالة لعمر الازمة كما هو الشأن في أغلب الحوارات التي يطول أمدها ولا تؤدي
الى نتيجة تذكر، كما أن شكله ونتائجه
تختلف باختلاف ميادينه ومجالاته، فإن كان المجال فكرياً فان الاطراف عادة ما يأتون
اليه من منطلق الممتلك للحقيقة وبغرض الاستقطاب، ولذالك نجدهم ورغم حرصهم الشديد
على إنجاح الحوار واستثمار الجهد الفكري والنظري، واختيار أرقى الاساليب وأجمل
التعابير، فانهم في الغالب ما يفشلون ثم يعاودون الكرة من جديد باستثمار جهد أكبر
ووقت أكثر، لكنهم ومع ذالك لا يحصلون الا على نفس النتيجة، لأنهم ينطلقون من
نقطتين مختلفتين موجودتين على طرفي سكة قطار، فلا يلتقون أبداً رغم قربهم الشديد. وان
كان المجال سياسياً فان الاطراف يلتقون بعقلية فرض الشروط على الآخر والضغط عليه
لإجباره على الخضوع والتنازل والاستسلام. وان كان المجال دينياً فان الاطراف
يحضرون الى الحوار على قاعدة إقناع الآخر ببطلان ما يحمل من أفكار، ثم استمالته
اليه واستقطابه ليصبح متبنياً لأفكاره وعقيدته، وهكذا الأمر مع معظم شخوص الحوار
وقضاياه.
غير أن الحوار هو
أسمى من ذالك بكثير وأرقى، بل هو من المبادئ التي أوصت بها الشرائع السماوية
والافكار الانسانية، واهتمت به الشعوب المتحضرة لكونه سلوكاً تلجأ اليه المجتمعات
لتعزيز التواصل والتعاون، ولاتقاء شر الفتن والصراعات والمواجهات التي تحصل نتيجة
تضارب المصالح والتي تؤدي الى تصدع في العلاقات الانسانية، ولعل أبلغ تعبير عن
ذالك وأصدقه مثالا، النموذج الاسلامي الذي يطرح الحوار كمبدأ ينطلق من مفردات تسمح
لكل الاطراف بالانطلاق من نفس النقطة وبالتمتع بنفس الشروط كما أوضحت ذالك الآية
الكريمة ﴿ وإنا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين ﴾
سبأ 24. فهذا النموذج لا يضع شروطاً مسبقة من شأنها إفشال مهمة المتحاورين، ولا
ينطلق من عقلية امتلاك الحقيقة، بل يضع الاطراف على قدم المساواة ويترك لهم حرية
التحرك كي يتوصلوا الى حلول تبقي على التعايش والتعارف قائماً، وتمد جسور التعاون
بين المكونات الانسانية وان اختلفت مذاهبها وعقائدها وإيديولوجياتها حفاظا على
التنوع والتعدد وضماناً لوجوده ولاستمراريته في المجتمع.
وفي كل الاحوال
ولضمان نجاح الحوار لا بد من أن نهيئ له بيئة مناسبة، وأن ننضج له شروطاً ذاتية
وموضوعية تسمح بقيامه، وأهدافاً واضحة
تضمن فاعليته ونجاحه، إذ أن الدخول الى الحوار دون أهداف محددة هو ضرب من ضياع
الوقت، وهدر للجهد والامكانيات، وهو في النهاية كمن يرقم على الماء، وأما في الجلوس
الى طاولة الحوار بأهداف واضحة ومحددة، ضمانة حقيقية لإنجاحه، وكسب للوقت وادخار
للإمكانيات، وفي تقديرينا ولكي يكون الامر كذالك، فإن الحوار لا بد له وأن يضع نصب
أعينه أهدافاً ثلاثة:
أولا: التعارف:
أهم المشاكل التي
تؤدي الى التصادم والاقتتال هو الجهل بالآخر، لأنه يولد انطباعاً غير حقيقي عنه
وقراءة غير واقعية له، ومن ثم بناء مواقف غير صحيحة حول شخصه، مما قد يدفع الى
مواجهته على طول الخط ونصب العداء له بناءً على معطيات غير دقيقة، وهذه المواجهة
قد تمتد الى أكثر من مجموعة وعلى أكثر من صعيد، فتصيب المجتمع بالتصدع من الداخل،
لذالك فالتعارف يطرح الآخر على حقيقته ويزيل الغموض والالتباس عن شخصه، وهذا يمنح
الفرصة لفهمه على نحو أوضح، ومن ثم التعامل معه بناء على تصور سليم يفضي الى بناء
جو من الثقة والاحترام المتبادلين وان اختلفت التصورات والرؤى والمعتقدات، وهذا
بدوره يساعد على تجنب الاصطدام والمواجهة ويفتح آفاق العمل المشترك.
ثانياً: التعايش:
الكل الآن أصبح يسلم
بحقيقة وأحقية وجود التنوع والتعدد في المجتمعات وبضرورة احترام ذالك، وأن الناس
ليسوا على مستوى واحد من الفهم والادراك والتمييز، وان لكل الحق في اختيار
الانتماء الى أي طائفة يريد أو التمذهب بأي مذهب يشاء، وهذا التعدد المذهبي
والطائفي هو الذي يفرض ضرورة التعايش بين كل مكونات الامة حفاظا على كيانها وعلى
السلم قائماً داخل المجتمع، فالتعايش يضمن للكل الحق في الوجود وفي التعبير عن
الرأي وفي ممارسة كل الحقوق على قدم المساواة مع الجميع بغض النظر عن العدد
والحجم، وهذا ما يقفز عليه الكثير من العاملين في الحقل الفكري والديني، إذ
يعتقدون أن الحوار هو قبول الحديث الى الآخر من موقع الأبوية، مع امتلاك الادلة
والحجج على صدق ما تدعيه وكشف بطلان ما يزعمه هو، ومن ثم التفوق عليه وإقناعه
بتبني مذهبك الصحيح وتحويله الى صفك إن لم تستطع تحويله الى نسخة لك، والا فالحكم
عليه بالضلال والخروج عن جادة الصواب، وإالغاء حقه في الوجود. علماً أنه وحتى
المرجعية الدينية التي ينطلق منها هؤلاء تعترف للآخر بحرية المعتقد والرأي والحق
في الوجود، ولا تعطي لأي كان الحق في محاسبته أو إقصائه، ﴿ لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه، فلا ينازعنك في الامر، وادع الى
ربك، إنك لعلى هدىً مستقيم، وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون،الله يحكم بينكم
يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ﴾
الحج 67.66.65. فهذه العقلية الاقصائية هي أحد العوامل الرئيسية في إيجاد التعصب
بشتى أنواعه، لذالك كان التعايش هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة المجتمع
وتماسكه.
ثالثا: حماية المصالح المشتركة:
العيش فوق مجال ترابي
مشترك وفي ظل وطن واحد، يفرض على الكل أن يتواصلوا فيما بينهم حفاظاً على المصالح
العليا المشتركة وحماية للوطن من السقوط في براثين النزاعات الطائفية والمذهبية
التي من شأنها أن تأتي على الجميع إذا ما اندلعت وشبت نيرانها، لان التفكير بهذه
العقلية هو في واقع الامر تفكير بالذات أولاً وأخيراً اذا ما أردنا ان نكون ذاتيين
ومصلحيين، لان العيش بدون الاخر هو أمر مستحيل الحدوث ليس لأن الانسان اجتماعي
بطبعه كما يشاع، بل طبيعته جذابة الى امتلاك كل شيء من حوله، ﴿ وإنه لحب الخير لشديد ﴾
العاديات 8. وحيث أنه لا يستطيع تحقيق كل ذالك لنفسه بنفسه، فهو مضطر لوجود الآخر
الى جنبه، وعليه فهو مجبر للتواصل حفاظاً على الذاتي والموضوعي. وعليه فإن المصلحة
العليا تفرض التحاور على قاعدة التساوي.
فالحوار إذاً لا يعني
اختزال الآخر في الذات ولا إقصاؤه ولا التغلب عليه ومحوه من الوجود، كما لا يعني
فرض الرأي بقوة الاغلبية أو فرض الشروط نتيجة منطق القوة ، وانما هو سلوك حضاري
يهدف الى خلق التعارف والتعايش وتعزيز أواصر العلاقات حفاظا على كل ماهو مشترك،
وإبقاءً على عنصر التنوع والتعدد قائماً في المجتمع، ولذالك كان تحديد الاهداف
الثلاثة الآنفة الذكر، يعني من جهة العمل على أرضية واضحة تحقق للكل نفس الحقوق
والمكتسبات، ومن جهة أخرى ضمان عدم الانزلاق الى أتون الصراعات الطائفية والاثنية
التي لطالما مزقت مجتمعات وأتت على جميع مكوناتها دون تفريق ما بين قوي وضعيف.
مركز الهادي.
lunes, 21 de abril de 2014
إعلان 1
نشاط ثقافي :
في سياق
حملة التعريف بالذات، ينظم مركز الامام الهادي ببرشلونة يوم الثلاثاء 29 أبريل من
سنة 2014 على الساعة السادسة مساء، نشاطاً يتم من خلاله تقديم المركز الى المجتمع
المدني وتقريبه من محيطه الاجتماعي والثقافي، وكذا التعريف بمشروعه المجتمعي.
وقد تم الاستدعاء لهذا الغرض، هيآت وشخصيات من
مختلف التوجهات الفاعلة والناشطة في الوسط الثقافي والاجتماعي، وكذا السلطات
المحلية والاحزاب السياسية وباقي فعاليات المجتمع المدني... وسيتم
تغطية النشاط من
لدن بعض وسائل الاعلام المحلية.
sábado, 19 de abril de 2014
مناسبات 1
فاطمة الزهراء : الاسلام
المتجسد في المرأة
في ذكرى ميلاد الصديقة الزهراء سلام
الله عليها، نستحضر مكانتها من خلال نسبتها لخير خلق الله أبيها النبي الأكرم عليه
وعلى آله الصلاة والسلام، فهي بضعته، وروحه التي بين جنبيه، وكوثره المَعطِي من
عند الله...
وهي المرأة والإبنة البارة، والزوجة
المثالية، والأم المربية، والعالمة المعلمة، والقناعىة والعفة والطهر والعزة
والشموخ والإباء والكرامة والشجاعة والاخلاق والحنان واللين والرق... هي الاسلام
المتجسد في المرأة.
لن نبالغ إذا قلنا إن الصديقة الزهراء
كانت المرأة المدخل للاسلام الذي جاء به النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة
والسلام، ويكفيها فخراً أنها كانت صلة وصل بين النبي وذريته، بين النبوة والإمامة
لتكتمل بذالك عظمتها ومن خلالها عظمة المرأة.
إن الاسلام قدم لنا المرأة التي هي نصف
المجتمع، ليس من خلال نصوص هنا وأحكام هناك، فهذه تفاصيل وجزئيات، وإنما من خلال
عنوان كبير اسمه فاطمة الزهراء، لذا كانت الصديقة الزهراء عنواناً لحرية المرأة
وكرامتها وعزتها وإبائها، وحري بكل من أراد أن يعرف قيمة المرأة في الاسلام، أن
يعرفها من خلال علاقة النبي الأكرم بالصديقة الزهراء، وبحركيتها في الواقع التي
كانت مثلا ليس للنساء فحسب، وإنما للرجال أيضاً، لا أن يعرفها من خلال اجتهادات
هنا وقراءات هناك.
إننا في مركز الامام الهادي ببرشلونة،
وإذ نهنئ الأمة الاسلامية والانسانية جمعاء وخاصة النسوة منهم بهذا الحدث العظيم،
حدث ميلاد الصديقة الزهراء الذي نعتبره عيداً لتحرير المرأة، لنهيب بالجميع وخاصة
العلماء منهم، أن يعيدوا قراءة وضع المرأة في الاسلام من خلال السيدة الزهراء سلام
الله عليها حتى يمكن إنصاف المرأة التي عانت الويلات في ظل قراءة رجولية للدين.
viernes, 18 de abril de 2014
خطبة الجمعة. 2
العمل الجماعي سر
النجاح :
في
خطبة الجمعة لهذا اليوم والتي أقيمت بمركز الامام الهادي ببرشلونة، والتي اختار
لها سماحة السيد خطيب المركز عنوان : العمل الجماعي سر النجاح، وذالك انطلاقاً من
قوله تعالى : ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا
على الإثم والعدوان ﴾. المائدة. 2. استهل سماحته خطبته بحمد الله والثناء
عليه، وبالاقرار بالشهادتين والصلاة على النبي وآله عليهم السلام. حيث عرج بعد
ذالك الى التحريض على تقوى الله والتذكير بضرورة التسلح بها باعتبارها أفضل زاد
يمكن للمرء أن يتزود به اتقاء لذالك اليوم الذي لا ينتهي منبهاً في ذالك الى قوله
تعالى : ﴿ واتقوا يوماً ترجعون فيه الى الله ﴾.
البقرة 281.
ثم
انتقل بعد ذالك ومن خلال الخطبة الثانية الى تناول موضوع الخطبة الرئيسي بالدرس
والتحليل، حيث اعتبر أن الاية هي بصدد التأسيس لقضية التعاون، وتحديد مجالاته، إذ
أن الشق الأول منها يحدد بشكل واضح المجال الذي ينبغي التعاون فيه، وهو التعاون
على التقوى والبر بجميع أنواعه، في حين الشق الثاني منها، ينهى عن التعاون على
الاثم والعدوان، بمعنى أنه بصدد تحديد المجال الذي يمنع الشرع الحكيم منعاً قاطعاً
التعاون فيه، لأن من شأن التعاون في ذالك، أن ينخر المجتمع من أساسه ويهدد كيانه،
وساق للتأكيد على ذالك، حديثاً للنبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام يتوعد
فيه المتعاون على الظلم ومن يقدم عوناً للظالم على ظلمه، حيث يقول : « من أعان ظالماً على ظلمه، جاء يوم القيامة وعلى جبهته مكتوب :
آيس من رحمة الله ». وفي سياق التشديد عن النهي على التعاون على الظلم،
أورد كلاماً لأمير المومنين علي عليه السلام جاء فيه : « بئس
الزاد الى المعاد، العدوان على العباد ».
كما
أن الاية في عنوانها الأبرز يؤكد سماحة السيد الخطيب، هي بشأن التأكيد على أهمية
التعاون في حياة المسلمين، إذ أن الفرد مهما بلغ من ذكاء ومهارات وإمكانات ذهنية،
فإن عمله لن يكون له نفس مردود الجماعة، كما أنه من جهة سيظل دائماً في حاجة الى
الجماعة، ولن يكون بإمكانه الاستغناء عنها، ليس لأنه اجتماعي بطبعه كما تؤكد
المقولة الفلسفية المشهورة، بل لأنه مجبول على حب الخير لنفسه كما يؤكد القرآن
الكريم ﴿ وإنه لحب الخير لشديد ﴾. العاديات. 8.
ولو استطاع إغناء نفسه لما اجتمع مع أحد ولما احتاج اليه، لذا فهو مجبر على
التعاون لتحقيق مآربه، من هنا وحيث أن الجنس البشري يحتاج الى التعاون فيما بينه
والى دور جميع الناس أعيانهم وعوامهم كما يؤكد ذالك أمير المومنين علي عليه السلام
في خطبة له حيث يقول : « وليس امرؤ وإن عظمت في الحق
منزلته، وتقدمت في الدين فضيلته، بفوق أن يعان على ما حمله الله من حقه، ولا امرؤ
وإن صغرته النفوس، واقتحمته العيون بدون أن يعين على ذالك أو يعان عليه ». فإن
الشرع الحكيم كما في هذه الاية وفي الحديث النبوي الشريف الذي يقول النبي عليه
وعلى آله الصلاة والسلام فيه : « الخلق عيال الله،
وأحبهم الى الله أنفعهم لعياله ». يشجع على التعاون في الخير من خلال مد يد
المساعدة الى الآخر.
ثم انتقل
سماحة السيد الخطيب الى الحث على ضرورة تنزيل هذا الفهم وهذا الوعي الى الواقع
العملي، وتبدو الحاجة ماسة الى ذالك في ظل مجتمع كالمجتمع الذي نعيش فيه والذي
تؤكد ثقافته على ضرورة تشجيع العمل ضمن الجماعة، وان عقليته هي عقلية مؤسسات،
والكل اذا ما اراد ان يحقق مبتغاه، ينتظم لذالك في اطار مؤسسات، ورأى أن أوجه
العمل الذي يمكن التعاون فيها هي أوجه متعددة، غير أن الأولوية يجب أن تعطى في
الوقت الراهن للتعاون من أجل الحفاظ على الهوية، وأكد على أن العمل يجب أن ينصب في
ذالك على إعداد جيل يمكنه أن يسير في هذا المجتمع المتعدد الاعراف والتقاليد
والثقافات، ويخالط الناس ويتعايش معهم بشكل سلس ودون أن يخاف أو يتخوف من فقدان
هويته، خاصة وان ثقافة المجتمع التي تشجع على التسامح واحترام التعددية تساعد على
ذالك، ودعا الى ضرورة الاستفادة من الامور الكثيرة الايجابية فيه وخاصة تلك
المتعلقة بالجانب التربوي والنظم الحديثة في ذالك والمرتبطة بتوجيه الطفل، وأبرز
في هذا الجانب الدور الذي يمكن أن تقوم به المساجد في هذا الاتجاه، إذ أن المساجد
لا ينبغي أن تظل فقط مكاناً للعبادة فحسب، وانما ينبغي أن تكون موقع إشعاع حضاري،
بمعنى أنه يجب أن تطلع بدورها في هذا السياق، بحيث ينبغي ان يكون لها مشروع تتحرك
من خلاله، مشروع ياخذ بعين الاعتبار إعداد مواطن صالح لوطنه ولمحيطه، يساهم في
بنائه من موقع هويته، ويعمل على إقرار قيم منظومتنا التربوية الاسلامية التي تنسجم
في جزء كبير منها مع ثقافة المجتمع، والتي من شأنها ان تخلق انسانا يفهم الواقع
بشكل أعمق، يعنيه كل ما يعني هذا الواقع، ويساهم في عملية إيجاد الحلول والبناء
المتواصل، وليس انساناً يفهم الاسلام على أنه هروب من الواقع وانعزال في البيوت
وانطواء على النفس.
وخلص في الاخير الى أنه ولتحقيق هذا المبتغى، لا بد من صياغة وعي جديد يضع المسجد الى جانب البيت والمدرسة والشارع ضمن الركائز الاساسية للتربية، وان الانغلاق على الذات لا يعني أبداً الطريق الصائب لتحصين الهوية، وانما هو عجز وهروب الى الامام، ودعا في هذا السياق الكل الى تحمل مسؤوليته في هذا الاتجاه كل من موقعه، والامتثال لأمر الله، والتأسي بوصايا النبي والائمة عليهم السلام في هذا الباب، وحرض القائمين على المركز أن يكونوا عنواناً بارزاً في هذا السياق، ومصداقاً لهذه التعاليم، والسباقين الى تمثل هذه القيم في مشروعهم حتى يكون المركز مرجعية في ذالك.
miércoles, 16 de abril de 2014
أخلاق وتربية 2
عمل المصلح :
مقتضياته وتحدياته :
إن
الركيزة الأساسية في عمل المصلحين من رسل وأئمة وعلماء... تكمن في القيام بإصلاح
الأمور الفاسدة في المجتمع والتي قد يكون من شأنها عادة الإخلال بالعناوين الكبرى
التي يقوم عليها مستقبل الوجود الانساني في الكون، من عدالة وحرية ومساواة
وكرامة...
وإذا
ما تتبعنا سيرة هؤلاء المصلحين، فإننا نجد إصراراً عجيباً على التركيز على مضمون الاصلاح
ضمن عظاتهم لأقوامهم ومجتمعاتهم، وقد ذكر القرآن الكريم في غير ما مناسبة خطاباً
لهم يتضمن مضامين الاصلاح تلك إن بتعبير النصح أو الاصلاح، من ذالك قوله تعالى على لسان نبي الله نوح عليه السلام :
﴿ أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون
﴾. الاعراف. 62. وقوله عز وجل على لسان نبي الله هود عليه السلام : ﴿ أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين ﴾. الاعراف. 68.
وقوله جل من قائل على لسان نبي الله صالح عليه السلام : ﴿ لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين ﴾. الاعراف. 79.
وقوله جل جلاله على لسان نبي الله شعيب عليه السلام : ﴿ إن
أريد الا الاصلاح ما استطعت ﴾. هود. 88.
ونفس
الامر نجده في كلام الامام الحسين عليه السلام حين قال : « لم أخرج أشراً ولا بطراً... وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمتي
جدي رسول الله ».
وإذا
كان الاصلاح هو ديدن هؤلاء المصلحين، فإنه لا شك أن لهذا الاصلاح مقتضيات يجب
الاحاطة بها لكي تكون عملية الاصلاح ناجحة، من ذالك على سبيل المثال معرفة الواقع
المراد إقرار عملية الاصلاح به، وامتلاك لغة تتناسب مع الظواهر المراد إصلاحها
والاحاطة الدقيقة بهذه الظواهر، وطرح البدائل لها... غير أنه يبقى من أهم وأبرز
هذه المقتضيات، هو تلبس المصلح أولاً بما يدعوا الناس اليه، وذالك لإعطاء
المصداقية لعملية الاصلاح من جهة، ولما للسلوك الحسن من دور فاعل في تأدية الرسالة
وفي التربية.
كما
أن لعمل المصلح تحديات يجب وضعها في الحسبان، إذ أن تغيير عادة أو سلوك أو عرف
فاسد تعارف عليه الناس مدة طويلة لن يكون بالامر الهين، بل بالتأكيد انه سياخذ
وقتاً طويلاً، وستترتب عنه مقاومة شرسة، ورفضاً لعملية الاصلاح هذه... لكن يبقى
التحدي الأكبر في كل ذالك، هو ظهور طبقة محددة في المجتمع ستعمل على مقاومة مشروع
الاصلاح هذا والاطاحة به بكل ما أوتيت من قوة، لأن هذا المشروع يهدد مصالحها
بالدرجة الاولى بحكم أنها الاكثر استفادة من الوضع الفاسد، وبحكم ان الفساد المراد
اصلاحه هو سلوك موجود بأيدي الناس وليس أمراً معلقاً بالهواء، ولذالك فغضب هذه
الطبقة على المصلح، قد يطال شخص المصلح نفسه.
لذالك
فاننا سنركز في كلامنا هذا على هذين العنصرين الاساسيان : تلبس المصلح بما يدعو
اليه كمقتضى أساسي في عملية الاصلاح، وسخط الناس على المصلح كتحدي كبير يواجهه في
عمله.
إن معالجتنا
لهذين العنصرين الاساسين، ستنطلق من قول الله عز وجل : ﴿ وكان يأمر أهل بالصلاة والزكاة وكان عند ربه
مرضياً ﴾. مريم. 55. فهذه الاية الكريمة التي تتحدث عن نبي الله اسماعيل،
تقدمه كنموذج لما ينبغي أن يكون عليه المصلح، إذ أن القسم الأول منها والذي يذكره
بكونه كان يأمر أهله بالصلاة، يريد أن يعطي إشارة عامة الى أن المصلح يجب أن يتلبس
هو ومحيطه أولاً بما يدعو الناس اليه قبل أن يطالبهم بذالك، إذ أنه بهذه الكيفية
يعطي مصداقية لدعواه أمام الملأ، وينأى بكلامه عن أن يكون مجرد شعار لا غير،
خصوصاً وأن الدعوة العملية تحدث وقعها في الناس أكثر من الاستغراق في التنظير
وكثرة الكلام، أضف الى ما في التلبس بذالك من انعكاس على صاحب الدعوة نفسه، إذ أنه
من جهة يعكس إيمانه الراسخ بما يدعو اليه، ومن جهة أخرى يرسل بإشارة واضحة الى أن
الكلام دون التطبيق قد يحدث عند صاحبه انفصاماً في الشخصية، ولذا نهى القرآن
الكريم عن القول الذي لا يصدقه العمل أو التطبيق حيث قال : ﴿ يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عند الله
أن تقولوا ما لا تفعلون ﴾. الصف. 2. 3. وعلى هذا الأساس سار كل الانبياء
والرسل، إذ نجد النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام وهو يتمثل قول الله
تعالى : ﴿ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ﴾. طه.
132. في ذاته ويربي أهله على ذالك. وهذا الكلام يسري مع كل تفاصيل المشروع
الاصلاحي، وإنما خصت الصلاة بالذكر من باب تسمية الكل بالعنوان الأبرز، وما للصلاة
كعبادة من دور بارز في التربية كذالك.
وأما
الشطر الثاني من الاية الكريمة، فهو يشير الى التحدي الأبرز الذي قد يواجه جميع
المصلحين ويضعهم أمامه، حيث أن المصلح لا محالة سيواجه سخط الطبقة المستفيدة، سواء
المطففين منهم أو السحرة أو بائعي الثماثيل... ذالك لأن الفساد كما قلنا ليس
معلقاً بالهواء، وإنما هو وضع تستفيد منه طبقة محددة، والقضاء عليه يعني القضاء
على مصالح أصحابها، وعلى هذا الأساس سوف نفهم مواجهة بعض سادة قريش للنبي الأكرم –
ممن كانوا يملكون دور الدعارة ويتاجرون في العبيد وفي التماثيل وغيرها – والتي دامت
أكثر من عشرين عاماً حتى انتهت بجماعة منهم الى نقل هذا الصراع الى دار الاسلام،
بعد أن استعملوا فيه جميع الاساليب المشروعة وغير المشروعة، بما في ذالك الشخصية
منها، كوصفه بالساحر والمسحور والكذاب والأفاك... شأنه في ذالك شأن كل الانبياء
والرسل الذين لم ينج أحد منهم من سخط هذه الطبقة.
وهنا
تكمن النكتة في قوله تعالى عن نبيه إسماعيل عليه السلام بأنه كان مرضياً عند ربه،
إذ أنه من باب تحصيل حاصل أن يكون النبي مرضياً عند ربه، وإنما الغاية هي التنصيص
على أن المصلح قد لا يكون مرضياً عند الناس لاصطدام دعواه بمصالحهم، ولذا وجب
التذكير بأن الأهم هو أن يكون مشمولا برضى الله تعالى لا رضى الناس، وهنا نستحضر
قول أمير المومنين علي عليه السلام حين يقول : « لا
يزيدني كثرة الناس حولي عزة، ولا تفرقهم عني وحشة ». والاشارة كذالك لكل المصلحين الى الاستعداد الى مواجهة هذا
التحدي الكبير الذي قد يحبط عزائمهم ان هم لم يستعدوا لذالك.
إن التصدي
لعملية الاصلاح، يجب أن تاخذ بعين الاعتبار كل شروطها، وخاصة التلبس بالمشروع
وتمثله في الذات، ثم الاستعداد للمواجهة بما يتطلب ذالك من حكمة وموعظة حسنة.
رئاسة المركز.
viernes, 11 de abril de 2014
خطبة الجمعة
مرجعية التعامل مع
الاخر في الاسلام :
في أول خطبة جمعة
أقيمت اليوم بمركز الامام الهادي غرانويرش برشلونة، تناول خطيب الجمعة بالمركز موضوع :
أساس ومرجعية التعامل مع الاخر في الاسلام انطلاقاً من قول الله تعالى : ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن
تبروهم وتقسطوا اليهم ﴾.الممتحنة.8. حيث بعد أن استهل الخطبة بحمد الله والثناء
عليه وتوحيده، والصلاة على النبي الأكرم وعلى آله، حرض الحاضرين على الحرص على
إقامة الجمعة لما في ذالك من خير كثير، منبهاً في ذالك الى الحديث النبوي الشريف
الذي يقول فيه النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام : « الجمعة حج المساكين ».
ثم بعد ذالك
انتقل سماحة السيد الخطيب وسيراً على الهدي النبوي الشريف الى تذكير نفسه أولاً
وتذكير الوافدين على المركز، بتقوى الله مذكراً إياهم بقول الله عز وجل : ﴿ يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده،
ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً، ان وعد الله حق...﴾.لقمان. 32. 33. وبقوله
تعالى : ﴿ يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا
سديدا ﴾.الاحزاب. 70. وبقوله جل من قائل : ﴿ يأيها
الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ﴾.التوبة. 120. ثم توقف قليلا
عند قول الباري عز وجل بالتحليل بعد أن تلا الاية الكريمة عليهم : ﴿ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴾.النحل. 128.
حيث نبه الى أن المعية هنا تتجاوز مفهوم معية الوجود المقصودة في قوله تعالى : ﴿ وهو معكم أين ما كنتم ﴾.الحدبد. 4. الى معية الحماية
والحراسة والتأييد والتمكين والسداد...وهي ميزة خاصة بالمتقين.
ليختم الحديث عن
التقوى بالتذكير بان التقوى ليست غاية يضعها الانسان نصب عينيه ليصل اليها، وانما
التقوى زاد يجب على المومن ان يتزود بها ومنها في مسيره وسفره الطويل في كل وقت
وحين، كما أمر بذالك الباري في قوله تعالى : ﴿ وتزودوا
فإن خير الزاد التقوى ﴾.البقرة. 199. دون أن يفوته التذكير بمآل المتقين
الوارد في قول الله جل من قائل : ﴿ للذين اتقوا عند ربهم
جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله ﴾.آل
عمران. 15.
وأما في الخطبة
الثانية، فقد تعرض سماحة السيد الخطيب بالدرس والتحليل الى موضوع خطبة الجمعة
والمتعلق بأساس التعامل مع الاخر، حيث نبه وكمدخل الى أهمية الانسان في الوجود
ومحوريته في الكون، إذ اعتبر أن للانسان مكانة عظيمة وشريفة من حيث كونه إنسان بغض
النظر عن لونه ودينه وعرقه، وقد اكتسب الانسان هذه الاهمية من خلال التشريف الذي
حظي به والتي أشارت اليه الاية الكريمة : ﴿ وإذ قال ربك
للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمإ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي
﴾.الحجر. 28. 29. إذ أن نسبة تكوين الانسان الى روح الباري جل جلاله، أعطت لهذا
الانسان شرفاً عظيماً ومكانة عليا وتكريماً فريداً، ولقد أكد القرآن الكريم هذه
المسألة عند قوله تعالى : ﴿ ولقد كرمنا بني آدم ﴾.الاسراء.
70. فجاء التنصيص على هذا التكريم بشكل واضح ليلا يترك مجالاً للتأويل والفهم
الخاطئ.
وعلى هذا الأساس
جاءت رسالة الاسلام لترسخ هذا الفهم في أوساط المومنين، وتدعوا من موقع التدين الى
احترام الانسان بما هو انسان، وجعل الانسانية عنوانا للتواصل والتفاهم والتعاون
والتعارف، ولقد كان النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام أسوة للمومنين في
ذالك، حيث كانت معاملته لغير المسلمين راقية، إذ كما تؤكد الرواية أنه كان يعود
جاره اليهودي، ويوصي الاتباع بمعاملة كريم قومه معاملة كريمة حيث ورد عنه قوله : « إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم
». بل أكثر من ذالك وكما تنقل الروايات فإنه لما حياه جماعة من اليهود بقولهم : السام
عليك، غضبت إحدى زوجاته، فوعظها بقوله : «... ان الفحش لو كان ممثلاً
لكان مثال سوء ، ان الرفق لم يوضع على شيء قط إلاّ زانه ، ولم يرفع عنه قط إلاّ
شأنه
».
وعلى هذا الهدي سار
الائمة الأطهار من آل بيته من بعده في الناس، فهاهو التاريخ يحدثنا عن عهد أمير
المومنين علي عليه السلام الى مالك الأشتر والذي جاء فيه « ولا
تكن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان : إما أخ لك في الدين أو نظير لك
في الخلق ». وكذالك الشأن في أحد العهود الاخرى الى
أحد ولاته وهو يوصيه بحسن
معاملة أهل الذمة حيث يقول : «... وقد جعل الله عهده وذمته أمناً أفضاه بين العباد برحمته ،
وحريماً يسكنون إلى منعته ، ويستفيضون إلى جواره ، فلا خداع ولا مدالسة ولا أدغال
فيه ».
كما يحكي التاريخ أيضا قصة له سلام الله عليه
وقد جمعته الرفقة برجل ذمي في طريق ، وحينما ارادا الافتراق شيّعه الإمام قبل
المفارقة ، فقال له الذمي ، لم عدلت معي ؟ فقال : « هذا من تمام حسن الصحبة ان يشيع
الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه ، وكذلك أمرنا نبيّنا » ، فقال الذمي : « لا
جرم انما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة.
فهذه يضيف سماحة
السيد خطيب جمعة المركز إنما هي نماذج من معاملة الاخر من موقع الدين وعلى قاعدة
الانسانية تطبيقاً لقوله تعالى : ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين...﴾.إذ أن
الدين أساساً جاء ليستنهض الانسانية في الانسان ويحافظ عليها، ولم يأت لإهانتها كم
قد يتوهم بعض الواهمين.
ثم عرج بعد ذالك الى
الاشارة الى انه ان كانت هذه نماذج من معاملة الاسلام للاخر الذي يعيش في ظل حماية الدولة الاسلامية، فكيف ينبغي معاملة الاخر الذي يستضيفك في
داره، ويأويك ويقدم لك الأمن الغذائي والروحي، ويضمن لك حرية ممارسة دينك ؟!
لا شك أن في هذا
الحال ومن موقع المروءة فحسب، يجب مقابلة المعروف بالمعروف، لينبه سماحته الى ان
هناك قاعدة عامة في الاسلام تستلزم مقابلة الاحسان بالاحسان ﴿ هل جزاء الاحسان الا الاحسان ﴾.الرحمان. 59. وكذالك قوله
تعالى : ﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ﴾.يونس. 26.
فكانت مقابلة المعروف بالمعروف من القيم الاساسية في الاسلام ومن عناوينها الكبرى
التي لا يستقيم اسلام المرء الا بها.
وفي هذا السياق
شدد سماحته الى ضرورة مواجهة سلوك معوج في المجتمع، ينطلق للأسف من فهم تدين
مغلوط، يصر على نداء الاخر الذي يقدم له الحسنى بالكافر والجيفة بعد أن يكون قد
استوفى أجره منه مقابل فرصة الشغل الذي أمنها له، موضحا أن الاسلام لما وصف بعض
الناس بالكفر، إنما جاء ذالك ضمن تمييز منهج الكفر من الايمان حتى لا يكون للناس
على الله حجة بعد الرسل، وليس من باب تسمية الناس يهذا الاسم كما قد يفهم بعض
السذج، والا فان القران خاطب كل من لم يومن برسالة الاسلام بأدب واحترام فقال : ﴿ قل ياهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم...﴾.آل
عمران 63. ودعا الى مجادلتهم بالتي هي أحسن : ﴿ ولا
تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن ﴾.العنكبوت. 46. ومعلوم ان مناداة
الآخر بالكافر ليس من التي هي احسن في شيء، فكيف بهذا الاخر إذا كان يشغلك!!!
وفي الاخير شدد
سماحته على ضرورة التصدي لهذا السلوك الذي يشتغل في مواجهة ومقابلة الاسلام، إذ ان
الاسلام يسعى الى مد جسور التعاون والتعارف بين البشر، في حين هذا النوع من التدين
الأعوج، انما يسعى الى خلق القطيعة بين الناس وزرع الفتن والاحقاد والكراهية
بينهم، لذا وجب فضحه وكشف زيف انتمائه الى الاسلام.
lunes, 7 de abril de 2014
أخلاق وتربية
الصلاة : قيمة تربوية :
الشائع والمعروف بين
الناس، أن الصلاة التي يؤديها المسلم، إنما يقوم بها من باب الامتثال لأمر الله
وطاعته، والتقرب اليه بها... شأنها في ذالك شأن معظم العبادات من صوم وحج وزكاة...
وإن كانت تتفوات فيما بينها من حيث المراتب، وقد وردت بشأنها روايات متعددة تصب في
هذا الفهم، من ذالك قول النبي الاكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام : « أول ما
يحاسب به الصلاة ». وقوله : « الصلاة قربان المتقي ». وقوله : « موضع الصلاة من
الدين، كموضع الرأس من الجسد ».
لكن بلحاظ أمور كثيرة
مرتبطة بالصلاة، كتكرارها خمس مرات في اليوم، والترغيب في الاتيان بها باليل
والنهار على شكل نوافل ومستحبات، وفي مناسبات مخصوصة كالجمعة والعيدين... والتركيز
على ضرورة حصول الخشوع بها، وكثرة الاهتمام بها من خلال آيات قرآنية وأحاديث
نبوية... وبلحاظ كل هذا الاصرار العجيب التي خلت منه باقي العبادات الاخرى، مما يجعلنا
نفكر بأن هناك أمر ما مخصوص ومقصود بهذا الاصرار، الشيء الذي يدفعنا كذالك الى
البحث عنه من خلال استقراء بعض النصوص الواردة بشأن الصلاة.
ولعل أبرز هذه النصوص
قول الله عز وجل : ﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر
﴾. العنكبوت. 45. فأول ما يثير في هذه الاية الكريمة، هو اشتمالها على مفردة
النهي، وهذا يعني أن هذه الصلاة لم تعد تقتصر على كونها وسيلة لذاتها نتقرب بها
الى الله فحسب، بل أصبحت تقوم بدور النهي عن الفحشاء والمنكر، مما يعني أنها هنا
تقمصت دور المشرع نفسه، والذي نجده واضحاً في قول الباري عز وجل : ﴿ إن الله
يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ﴾. النحل
90. وهو دور أنيط – وجوباً – كذالك ببعض الأفراد من أنبياء ومرسلين وأئمة
وغيرهم... حتى يستقيم الصلاح في المجتمع وتصلح أحوال الناس كما في قوله تعالى : ﴿
ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ﴾. آل عمران.
104. وهذه الفئة هي التي يصطلح عليها بالفئة المصلحة المربية التي تهدف الى إصلاح
المجتمع وتربيته، وهذا يعني أن الصلاة تقوم بنفس الدور، أي دور المصلح المربي ما
دامت تنهى عن الفحشاء والمنكر، لكن مع كل فرد على حدة، الأمر الذي يكشف أن الصلاة
تجاوزت كونها أداء واجب وقرباناً الى الى الله لتتحول الى مصلح ومربي.
وبلحاظ أجزاء الصلاة
وما اشتملت عليه من قراءة وذكر وركوع وسجود... وما تشتمل جميعها على معاني الألوهية
والربوبية والتوحيد والانقياد والخضوع والتسليم لله والتسبيح بحمده، والاستعانة به
والتوكل عليه وطلب الهداية منه... وتكرار كل ذالك مرات ومرات، نفهم معنى التأكيد
المتصدر للاية والذي يفيد بأن الصلاة لا بد وأنها تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر،
إذ لا يعقل أن يقوم المصلي بتكرار هذه المفاهيم الرائعة وترديدها في كل صلواته دون
أن يكون لذالك تأثير على سلوكه! وهذا يعني ان هذه الصلاة لا محالة ناهية لصاحبها
عن الفحشاء والمنكر إن هي أديت على الوجه المطلوب، مما يتأكد في النهاية أن الغاية
من هذا الإصرار العجيب المرتبط بالصلاة، زرع العامل الخلقي عند المصلي، أي التأثير
في سلوكه والارتقاء به الى أحسن مستوى، من هنا سوف نستطيع فهم السر من الايات الواردة في
الصلاة والمرتبطة بدور المصلح، كقوله تعالى للنبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة
والسلام : ﴿ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ﴾. طه. 132. وكقوله عز وجل في حق نبي الله اسماعيل عليه
السلام : ﴿ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً ﴾. مريم. 55. وذالك
للدلالة على فاعلية الصلاة ودورها الرئيسي في الجانب التربوي.
غير أنه ولاستكمال
الصلاة لدورها في الجانب التربوي، والمتمثل ليس فقط في النهي عن المنكر، بل لا بد
من اقترانه بالامر بالمعروف كدور كل مصلح، كان لا بد للبحث لها عن هذا الدور في
القرآن الكريم، وهو ما وجدناه صريحاً في قوله تعالى حكاية عن نبي الله شعيب
ومجادلة قومه له حيث يقول جل من قائل : ﴿ قالوا ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما
يعبد آباؤنا ﴾. هود 87. مما يؤكد أن الصلاة تأمر أيضا، وان دورها في عملية التربية والاصلاح، هو دور
متكامل لا ينقصه أي شيء، لذالك كانت الصلاة مربياً بامتياز.
وهو ما نشاهده في
واقعنا اليومي، إذ أننا نجد بعض المصلين وقد حولتهم صلاتهم الى ملائكة يمشون على
الارض، ارتقت بسلوكهم الى أعلى مستويات وذالك لاستيعابهم لمضمون الصلاة ودورها في
حياتهم والغاية منها، في حين البعض الاخر لا تشكل الصلاة في حياتهم الا حركة
روتينية تلقائية تعود على القيام بها كتعوده على باقي الامور الاخرى اليومية، لكن
هنا وحين لا تقوم الصلاة بدورها كمربي، فإنها تتحول الى عامل يبعد المرء عن ربه
عوض تقريبه منه، بمعنى انها تفقد حتى ذالك الدور الكلاسيكي الذي يفهمه عامة الناس
من الصلاة والمتمثل في كونها قرباناً يتقرب بها العبد الى ربه، وهذا ما نلحظه في
سلوك العديد من المسلين، وهو ما تؤكد الرواية النبوية الواردة بهذا الشأن إذ تقول : «
من لم تنهه صلاته عن الفخشاء والمنكر، فلا تزيده الا بعداً عن الله ».
إن الاستنتاج الذي نخلص
اليه من خلال هذا البحث، هو التأكيد على أن الصلاة، لم يتم الاهتمام بها من لدن
المشرع والاصرار عليها بهذا الشكل، الا لتكون قيمة من قيم المنظومة التربوية
الاسلامية، وعلى هذا الوعي يجب أن يتعاطى معها المسلم المصلي، والا كان وعيه قاصراً
عن إدراك معنى الصلاة، وهذا يعني بالضرورة فقدان عماد الدين ورأس الجسم كما ورد في
الاحداديث النبوية الشريفة.
miércoles, 2 de abril de 2014
فكر وأدب
هذا المقال نشر في السابق على بعض من المواقع الاكترونية، ونعيد اليوم نشره هنا لتعميم الفائدة
البعد الانساني في الفكر العلوي
(..وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف
بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين،
أو نظير لك في الخلق..) تلكم كانت مقتطفات من
الوصية التي وجهها الامام أمير الومنين علي (ع) الى الصحابي الجليل مالك الاشتر
عند ما ولاه على مصر والتي كانت بمثابة الخطوط العامة لبرنامجه الحكومي، كلمات
أسست لنظرية جديدة في الحكم تنبني على أساس المساواة في المواطنة بغض النظر عن
الدين واللون والعرق، مضمونها ممتلئ بقيم إنسانية يمكن إجمال بعض منها فيما يلي:
1- التسامح:
على الرغم من أن دولة الامام(ع) هي دولة ذات مرجعية دينية الا ان هذا لا
يعني غياب البعد الانساني في خطابها، ذالك لان الدين هو إنساني قبل كل شيء، كما لا
يعني كذالك ان خطاب الدولة هو موجه فقط لأتباع الدين الذي تتبناه، بل هي دولة تتسع
لكل مواطنيها على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية، لذالك كانت تعليمات الامام(ع)
واضحة بضرورة إقرار ثقافة التسامح ما بين جميع الطوائف المشكلة للوطن، المتدينة
منها وغير المتدينة، وان الجميع متساوون في الحقوق والواجبات، وان المعيار الاساسي
في الاستفادة من خدمات الوطن ينبني على أساس الولاء لهذا الوطن وليس لباقي
الاعتبارات الاخرى، لذالك رأينا أن هذه الدولة استطاعت أن تكسب ولاء كل المواطنين،
فوجدنا عددا مهما ممن انخرطوا في جيشها ممن هم من غير المسلمين يدافعون عن حوزتها
ووحدة ترابها تعبيرا منهم عن رضاهم إزاء سياستها وعن رقي مستوى العلاقة التي
تجمعهم بهذ الوطن، كما وجدنا كذالك ان الدولة تضرب بيد من حديد على يد كل من يتعرض
لسلامة مواطنيها وأمنهم في الداخل والخارج بداعي الاختلاف في الانتماءات العقائدية
والعرقية والسياسية، فهذه السياسة هي التي أكسبت الامام(ع) ود وحب كل المواطنين وبالتحديد
أولئك الذين لم يكونوا من قوميته العربية لما أحسوا به من مساوات مع غيرهم من
المواطنين.
2- التعايش:
من أهم الميزات التي امتازت بها دولة الامام(ع) وجود طوائف دينية وعرقية
متعددة نتيجة لاتساع رقعة الوطن، لكن التحدي الاكبر كان هو: كيف يمكن تحويل هذا التنوع
الى عامل قوة يمكن الاستفادة منه في تقدم هذا الوطن، لذالك كان إقرار مبد أ
التعايش عاملا حاسما في استقراره وتقدمه، وفي استنفار كل الطاقات الكامنة في
مجتمعه، وكانت لكلمات هذه الوصية وقعاً إيجابياً على الناس، فنزلت على نفوسهم
برداً وسلاماً جعلتهم يحسون بأهميتهم في هذا البلد، وبحقهم في الحفاظ على كيانهم
الطائفي والعقدي داخله نتيجة الضمانات التي تقدمها الدولة في هذا الاتجاه من خلال
إقرار هذا المبدأ الذي صار فيما بعد ثقافة تشبع بها كل المواطنين، فأصبحوا يتكلمون
بنفس اللغة التي تتكلم بها الدولة، وصار الكل يتنافس في العمل على إظهار ما تكتنزه
جماعته من قوة خدمة لبلده بدل التفكيرفي الطائفة ما دام البلد يمثل الكل، مما ساعد
الجميع على العيش ضمن وطن يستوعب هذا التنوع الهائل بفضل سياسة الامام(ع) الذي سخر
كل إمكانياته من أجل إقرارها في حكومته.
3- الاعتراف بالآخر:
لقد كان الامام(ع) على وعي تام بإفرازات توسع الرقعة الجغرافية للدولة وما
نتج عن ذالك من وجود جماعات متعددة الطوائف والاعراق وما يمكن أن يخلف ذالك من
أضرار على المجتمع إذا لم يتم تداركه بسياسات حكيمة تبعد عنه شبح التصدع، لذالك
عمل من خلال وصيته هذه على إشاعة ثقافة الاعتراف بالآخر كمكون من مكونات المجتمع
وتمكينه من كل حقوقه بما فيها الثقافية واللغوية والدينية والسياسية وغيرها من
الحقوق، حقوق لم يكن لهؤلاء ممارستها الا في إطار هذه الدولة، لذالك اكتسبت هذه
الدولة قوتها بفعل قدرتها على توحيد صفوف أبنائها واستنهاض هممهم وعزائمهم لخدمة
الصالح العام بعد أن وفرت لهم جميع الوسائل لذالك، فعاملتهم جميعا على قدم
المساواة دونما إقصاء أو تمييز بينهم لا على أساس ديني، ثقافي, أو عرقي أو أي أساس
آخر، وهذا التوجه هو الذي جعل الجميع يصطف في خندق واحد وراء الدولة من أجل تحقيق
الرفاهية والقوة التي يطمح المجتمع الى تحقيقها، وينخرطون في مشروعها المجتمعي
الذي رسمه الامام(ع) من أجل النهوض بجميع القطاعات لتحقيق مستقبل أفضل للجميع.
فهذه إذا بعض من القيم الانسانية التي تضمنتها هذه الكلمات من الوصية التي
أرسى الامام(ع) دعائمها في المجتمع لتكون بعد ذالك مرجعا للحاكم والمحكوم على حد
سواء, وهنا تكمن أهميتها القصوى، ذالك أن هذه الافكار منصوص عليه إسلامياً، لكن ما
زادها قيمة هو إخراجها في هذا القالب البديع وتضمينها في هذه الوثيقة التي تعتبر
بمثابة العقد الاجتماعي والسياسي بين الحاكم والامة، عقد بموجبه يتم تسيير الدولة
على أساس من الشفافية والوضوح، كل يعرف ما له وما عليه، وبالخصوص قوله: إما أخ لك
في الدين أونظير لك في الخلق, فهذه الجملة بالتحديد هي تعبير صادق عن مفهوم الحكم
في دولة الامام(ع)، مفهوم يقوم على أساس المساواة والعدالة الاجتماعية، مفاهيم
تضمن حقوق وكرامة المواطن كيفما كان انتماؤه ولونه وعرقه، وليس لأحد الفضل على
الآخر في الوطن الا بالاخلاص للوطن، بهذه الكيفية استطاعت دولة الامام(ع) أن تشكل
نموذجا متميزاً في نظام الحكم بما حملته من قيم إنسانية احتوت كل المواطنين الذين انضووا
تحت رايتها.
هذا الامام(ع) الذي أقام دعائم هذا النظام، هو بالنسبة لبعض من المسلمين
خليفتهم الرابع، طاعته واجبة، وبالنسبة للبعض الآخر إمامهم الاول، حبه وطاعته
وولايته واجبة، ألفوا في طريقة إدارته للحكم وفي مناقبه كتباً ومراجع عديدة، عاش
كلا الفريقين في ظل دولته ردحاً من الزمن غير قصير، في جو من السلم والامن
الاجتماعيين، ينعمان فيها بما وفرته منظومته القيمية من هدوء، لكن الفريقين اليوم
يعيشان على وقع نار طائفية مستعرة أوقد نارها طرف ثالث لا تخدم مصلحته وحدة الامة،
ألم يكن من الاجدى والطرفان يملآن فمهما بحبهما وتعلقهما بالامام(ع) أن تكون
أفكاره وطريقة إدارته للقضايا السياسية والفكرية ملهماً لهما في حل مشاكلهما وحسم
خلافهما..! ما قيمة هذا التعلق اذا لم يؤد الى الاقتداء بنهج صاحبه في الحياة..!
العالم كله يعرف ان الامام(ع) لم يكن يوما داعية حرب أو موقد فتنة، بل هو من تجرأ
على الفتنة ففقأ عينها عند ما لم يقدر أحد على وأدها، ألم تكن أخلاق الامام(ع)
وأفكاره وفلسفته في الحياة كتلك التي أوردنا بعضا منها كافية للتسلح بها في مواجهة
هذا التصدع وفاء لروحه وإخلاصاُ لتفانيه ولما قدمه ليس فقط من أجل إسعاد المسلمين
بل للإنسانية جمعاء..! ما سبب هذا الإصرار في الإبقاء على هذه الفتنة موقَدَة..؟
أليس منكم رجل رشيد ينبري لها بروح الامام(ع) وبعقله..؟ كل الذي أوردناه عن الامام(ع)
وعن رؤيته وقدرته على لم الشمل ورفع الخلاف
يسحب البساط من تحت أقدام أولئك الذين يدعون أنهم يكافحون من أجل أن لا يكون هناك
لا غلو في حب الامام(ع) ولا تقصير في مودته، ألم يأن للذين آمنوا منهم أن تهتدي
قلوبهم الى الحق فيعلموا أن هذه الفتنة تكلف الامة الكثير، وأن المستفيد الوحيد منها
هو العدو، اعلموا أن تبادل التهم وتحميل المسؤوليات لن يوقف هذا النزيف، بل الاهم هو ان ما يجمع أكثر مما يفرق، فكونوا
إخوة في الدين أو نظراء في الخلق تجدون الحل، ولوا عامل بعضكم البعض على هذا
الاساس لاكتشفتم أن ما يجري من صراع هو أمر مفتعل، وانكم إذا لم تلتقوا على أرضية
دينية فستلتقون على أرضية إنسانية، الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير.
حري بالمسلمين جميعاً أن يكون لهم في نهج الامام(ع) أسوة حسنة لمن كان
يرجو وحدة الامة، لقد كان فكره الانساني الذي ملأ الدنيا مصدر إلهام للعدو قبل
الصديق، فكيف لا يكون للمسلمين كذالك وقد كان لهم خليفة وإمام..! إن هذه السيرة
التي تركت صدى طيباً لدى كل الناس فصارت تراثاً إنسانياً ينبغي أن تكون لنا مصدر
فخر واعتزاز، واقل ما يمكن أن نقدمه له كعربون وفاء أن نتحد فيه، ان نجعل من شخصه
رمزاً للوحدة ولوا على المشترك وهو كثير، لا يطلب من أحد أن يحل في الآخر، لكل أمة
منسكاً هم ناسكوه، ليس المهم من بدأ، بل المهم من يبادر الى نزع فتيل الفتنة، ويبقى
على روح التعاون قائمة تطبيقاً لروح هذا الفكر الانساني العظيم وضماناً لاستمراره
بين الناس، فأقيموا إذاً لهذا الفكر مكاناً في قلوبكم يقم لكم واقعاُ على أرضكم،
وانظروا كيف تخلفون الامام في فكره الانساني.
Suscribirse a:
Entradas (Atom)