Translate

lunes, 7 de abril de 2014

أخلاق وتربية

الصلاة : قيمة تربوية :



الشائع والمعروف بين الناس، أن الصلاة التي يؤديها المسلم، إنما يقوم بها من باب الامتثال لأمر الله وطاعته، والتقرب اليه بها... شأنها في ذالك شأن معظم العبادات من صوم وحج وزكاة... وإن كانت تتفوات فيما بينها من حيث المراتب، وقد وردت بشأنها روايات متعددة تصب في هذا الفهم، من ذالك قول النبي الاكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام : « أول ما يحاسب به الصلاة ». وقوله : « الصلاة قربان المتقي ». وقوله : « موضع الصلاة من الدين، كموضع الرأس من الجسد ».

لكن بلحاظ أمور كثيرة مرتبطة بالصلاة، كتكرارها خمس مرات في اليوم، والترغيب في الاتيان بها باليل والنهار على شكل نوافل ومستحبات، وفي مناسبات مخصوصة كالجمعة والعيدين... والتركيز على ضرورة حصول الخشوع بها، وكثرة الاهتمام بها من خلال آيات قرآنية وأحاديث نبوية... وبلحاظ كل هذا الاصرار العجيب التي خلت منه باقي العبادات الاخرى، مما يجعلنا نفكر بأن هناك أمر ما مخصوص ومقصود بهذا الاصرار، الشيء الذي يدفعنا كذالك الى البحث عنه من خلال استقراء بعض النصوص الواردة بشأن الصلاة.

ولعل أبرز هذه النصوص قول الله عز وجل : ﴿ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ﴾. العنكبوت. 45. فأول ما يثير في هذه الاية الكريمة، هو اشتمالها على مفردة النهي، وهذا يعني أن هذه الصلاة لم تعد تقتصر على كونها وسيلة لذاتها نتقرب بها الى الله فحسب، بل أصبحت تقوم بدور النهي عن الفحشاء والمنكر، مما يعني أنها هنا تقمصت دور المشرع نفسه، والذي نجده واضحاً في قول الباري عز وجل : ﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ﴾. النحل 90. وهو دور أنيط – وجوباً – كذالك ببعض الأفراد من أنبياء ومرسلين وأئمة وغيرهم... حتى يستقيم الصلاح في المجتمع وتصلح أحوال الناس كما في قوله تعالى : ﴿ ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ﴾. آل عمران. 104. وهذه الفئة هي التي يصطلح عليها بالفئة المصلحة المربية التي تهدف الى إصلاح المجتمع وتربيته، وهذا يعني أن الصلاة تقوم بنفس الدور، أي دور المصلح المربي ما دامت تنهى عن الفحشاء والمنكر، لكن مع كل فرد على حدة، الأمر الذي يكشف أن الصلاة تجاوزت كونها أداء واجب وقرباناً الى الى الله لتتحول الى مصلح ومربي.

وبلحاظ أجزاء الصلاة وما اشتملت عليه من قراءة وذكر وركوع وسجود... وما تشتمل جميعها على معاني الألوهية والربوبية والتوحيد والانقياد والخضوع والتسليم لله والتسبيح بحمده، والاستعانة به والتوكل عليه وطلب الهداية منه... وتكرار كل ذالك مرات ومرات، نفهم معنى التأكيد المتصدر للاية والذي يفيد بأن الصلاة لا بد وأنها تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، إذ لا يعقل أن يقوم المصلي بتكرار هذه المفاهيم الرائعة وترديدها في كل صلواته دون أن يكون لذالك تأثير على سلوكه! وهذا يعني ان هذه الصلاة لا محالة ناهية لصاحبها عن الفحشاء والمنكر إن هي أديت على الوجه المطلوب، مما يتأكد في النهاية أن الغاية من هذا الإصرار العجيب المرتبط بالصلاة، زرع العامل الخلقي عند المصلي، أي التأثير في سلوكه والارتقاء به الى أحسن مستوى، من هنا سوف نستطيع فهم السر من الايات الواردة في الصلاة والمرتبطة بدور المصلح، كقوله تعالى للنبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام : ﴿ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ﴾. طه. 132.  وكقوله عز وجل في حق نبي الله اسماعيل عليه السلام : ﴿ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً ﴾. مريم. 55. وذالك للدلالة على فاعلية الصلاة ودورها الرئيسي في الجانب التربوي.

غير أنه ولاستكمال الصلاة لدورها في الجانب التربوي، والمتمثل ليس فقط في النهي عن المنكر، بل لا بد من اقترانه بالامر بالمعروف كدور كل مصلح، كان لا بد للبحث لها عن هذا الدور في القرآن الكريم، وهو ما وجدناه صريحاً في قوله تعالى حكاية عن نبي الله شعيب ومجادلة قومه له حيث يقول جل من قائل : ﴿ قالوا ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ﴾. هود 87. مما يؤكد أن الصلاة تأمر أيضا، وان دورها في عملية التربية والاصلاح، هو دور متكامل لا ينقصه أي شيء، لذالك كانت الصلاة مربياً بامتياز.

وهو ما نشاهده في واقعنا اليومي، إذ أننا نجد بعض المصلين وقد حولتهم صلاتهم الى ملائكة يمشون على الارض، ارتقت بسلوكهم الى أعلى مستويات وذالك لاستيعابهم لمضمون الصلاة ودورها في حياتهم والغاية منها، في حين البعض الاخر لا تشكل الصلاة في حياتهم الا حركة روتينية تلقائية تعود على القيام بها كتعوده على باقي الامور الاخرى اليومية، لكن هنا وحين لا تقوم الصلاة بدورها كمربي، فإنها تتحول الى عامل يبعد المرء عن ربه عوض تقريبه منه، بمعنى انها تفقد حتى ذالك الدور الكلاسيكي الذي يفهمه عامة الناس من الصلاة والمتمثل في كونها قرباناً يتقرب بها العبد الى ربه، وهذا ما نلحظه في سلوك العديد من المسلين، وهو ما تؤكد الرواية النبوية الواردة بهذا الشأن إذ تقول : « من لم تنهه صلاته عن الفخشاء والمنكر، فلا تزيده الا بعداً عن الله ».

إن الاستنتاج الذي نخلص اليه من خلال هذا البحث، هو التأكيد على أن الصلاة، لم يتم الاهتمام بها من لدن المشرع والاصرار عليها بهذا الشكل، الا لتكون قيمة من قيم المنظومة التربوية الاسلامية، وعلى هذا الوعي يجب أن يتعاطى معها المسلم المصلي، والا كان وعيه قاصراً عن إدراك معنى الصلاة، وهذا يعني بالضرورة فقدان عماد الدين ورأس الجسم كما ورد في الاحداديث النبوية الشريفة.

No hay comentarios:

Publicar un comentario