Translate

viernes, 11 de abril de 2014

خطبة الجمعة



مرجعية التعامل مع الاخر في الاسلام :

 

في أول خطبة جمعة أقيمت اليوم بمركز الامام الهادي غرانويرش برشلونة، تناول خطيب الجمعة بالمركز موضوع : أساس ومرجعية التعامل مع الاخر في الاسلام انطلاقاً من قول الله تعالى : ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ﴾.الممتحنة.8. حيث بعد أن استهل الخطبة بحمد الله والثناء عليه وتوحيده، والصلاة على النبي الأكرم وعلى آله، حرض الحاضرين على الحرص على إقامة الجمعة لما في ذالك من خير كثير، منبهاً في ذالك الى الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام : « الجمعة حج المساكين ».

ثم بعد ذالك انتقل سماحة السيد الخطيب وسيراً على الهدي النبوي الشريف الى تذكير نفسه أولاً وتذكير الوافدين على المركز، بتقوى الله مذكراً إياهم بقول الله عز وجل : ﴿ يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً، ان وعد الله حق...﴾.لقمان. 32. 33. وبقوله تعالى : ﴿ يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ﴾.الاحزاب. 70. وبقوله جل من قائل : ﴿ يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ﴾.التوبة. 120. ثم توقف قليلا عند قول الباري عز وجل بالتحليل بعد أن تلا الاية الكريمة عليهم : ﴿ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ﴾.النحل. 128. حيث نبه الى أن المعية هنا تتجاوز مفهوم معية الوجود المقصودة في قوله تعالى : ﴿ وهو معكم أين ما كنتم ﴾.الحدبد. 4. الى معية الحماية والحراسة والتأييد والتمكين والسداد...وهي ميزة خاصة بالمتقين.

ليختم الحديث عن التقوى بالتذكير بان التقوى ليست غاية يضعها الانسان نصب عينيه ليصل اليها، وانما التقوى زاد يجب على المومن ان يتزود بها ومنها في مسيره وسفره الطويل في كل وقت وحين، كما أمر بذالك الباري في قوله تعالى : ﴿ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ﴾.البقرة. 199. دون أن يفوته التذكير بمآل المتقين الوارد في قول الله جل من قائل : ﴿ للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله ﴾.آل عمران. 15.

وأما في الخطبة الثانية، فقد تعرض سماحة السيد الخطيب بالدرس والتحليل الى موضوع خطبة الجمعة والمتعلق بأساس التعامل مع الاخر، حيث نبه وكمدخل الى أهمية الانسان في الوجود ومحوريته في الكون، إذ اعتبر أن للانسان مكانة عظيمة وشريفة من حيث كونه إنسان بغض النظر عن لونه ودينه وعرقه، وقد اكتسب الانسان هذه الاهمية من خلال التشريف الذي حظي به والتي أشارت اليه الاية الكريمة : ﴿ وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمإ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ﴾.الحجر. 28. 29. إذ أن نسبة تكوين الانسان الى روح الباري جل جلاله، أعطت لهذا الانسان شرفاً عظيماً ومكانة عليا وتكريماً فريداً، ولقد أكد القرآن الكريم هذه المسألة عند قوله تعالى : ﴿ ولقد كرمنا بني آدم ﴾.الاسراء. 70. فجاء التنصيص على هذا التكريم بشكل واضح ليلا يترك مجالاً للتأويل والفهم الخاطئ.

وعلى هذا الأساس جاءت رسالة الاسلام لترسخ هذا الفهم في أوساط المومنين، وتدعوا من موقع التدين الى احترام الانسان بما هو انسان، وجعل الانسانية عنوانا للتواصل والتفاهم والتعاون والتعارف، ولقد كان النبي الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام أسوة للمومنين في ذالك، حيث كانت معاملته لغير المسلمين راقية، إذ كما تؤكد الرواية أنه كان يعود جاره اليهودي، ويوصي الاتباع بمعاملة كريم قومه معاملة كريمة حيث ورد عنه قوله : « إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم ». بل أكثر من ذالك وكما تنقل الروايات فإنه لما حياه جماعة من اليهود بقولهم : السام عليك، غضبت إحدى زوجاته، فوعظها بقوله : «... ان الفحش لو كان ممثلاً لكان مثال سوء ، ان الرفق لم يوضع على شيء قط إلاّ زانه ، ولم يرفع عنه قط إلاّ شأنه ».

وعلى هذا الهدي سار الائمة الأطهار من آل بيته من بعده في الناس، فهاهو التاريخ يحدثنا عن عهد أمير المومنين علي عليه السلام الى مالك الأشتر والذي جاء فيه « ولا تكن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان : إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ». وكذالك الشأن في أحد العهود الاخرى الى أحد ولاته وهو يوصيه  بحسن معاملة أهل الذمة حيث يقول : «... وقد جعل الله عهده وذمته أمناً أفضاه بين العباد برحمته ، وحريماً يسكنون إلى منعته ، ويستفيضون إلى جواره ، فلا خداع ولا مدالسة ولا أدغال فيه ».

 كما يحكي التاريخ أيضا قصة له سلام الله عليه وقد جمعته الرفقة برجل ذمي في طريق ، وحينما ارادا الافتراق شيّعه الإمام قبل المفارقة ، فقال له الذمي ، لم عدلت معي ؟ فقال : « هذا من تمام حسن الصحبة ان يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه ، وكذلك أمرنا نبيّنا  » ، فقال الذمي : « لا جرم انما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة.

فهذه يضيف سماحة السيد خطيب جمعة المركز إنما هي نماذج من معاملة الاخر من موقع الدين وعلى قاعدة الانسانية تطبيقاً لقوله تعالى : ﴿ لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين...﴾.إذ أن الدين أساساً جاء ليستنهض الانسانية في الانسان ويحافظ عليها، ولم يأت لإهانتها كم قد يتوهم بعض الواهمين.

ثم عرج بعد ذالك الى الاشارة الى انه ان كانت هذه نماذج من معاملة الاسلام للاخر الذي يعيش في ظل حماية الدولة الاسلامية، فكيف ينبغي معاملة الاخر الذي يستضيفك في داره، ويأويك ويقدم لك الأمن الغذائي والروحي، ويضمن لك حرية ممارسة دينك ؟!

لا شك أن في هذا الحال ومن موقع المروءة فحسب، يجب مقابلة المعروف بالمعروف، لينبه سماحته الى ان هناك قاعدة عامة في الاسلام تستلزم مقابلة الاحسان بالاحسان ﴿ هل جزاء الاحسان الا الاحسان ﴾.الرحمان. 59. وكذالك قوله تعالى : ﴿ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ﴾.يونس. 26. فكانت مقابلة المعروف بالمعروف من القيم الاساسية في الاسلام ومن عناوينها الكبرى التي لا يستقيم اسلام المرء الا بها.

وفي هذا السياق شدد سماحته الى ضرورة مواجهة سلوك معوج في المجتمع، ينطلق للأسف من فهم تدين مغلوط، يصر على نداء الاخر الذي يقدم له الحسنى بالكافر والجيفة بعد أن يكون قد استوفى أجره منه مقابل فرصة الشغل الذي أمنها له، موضحا أن الاسلام لما وصف بعض الناس بالكفر، إنما جاء ذالك ضمن تمييز منهج الكفر من الايمان حتى لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وليس من باب تسمية الناس يهذا الاسم كما قد يفهم بعض السذج، والا فان القران خاطب كل من لم يومن برسالة الاسلام بأدب واحترام فقال : ﴿ قل ياهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم...﴾.آل عمران 63. ودعا الى مجادلتهم بالتي هي أحسن : ﴿ ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن ﴾.العنكبوت. 46. ومعلوم ان مناداة الآخر بالكافر ليس من التي هي احسن في شيء، فكيف بهذا الاخر إذا كان يشغلك!!!

وفي الاخير شدد سماحته على ضرورة التصدي لهذا السلوك الذي يشتغل في مواجهة ومقابلة الاسلام، إذ ان الاسلام يسعى الى مد جسور التعاون والتعارف بين البشر، في حين هذا النوع من التدين الأعوج، انما يسعى الى خلق القطيعة بين الناس وزرع الفتن والاحقاد والكراهية بينهم، لذا وجب فضحه وكشف زيف انتمائه الى الاسلام.

No hay comentarios:

Publicar un comentario